مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الإنجليزية تجد موطىء قدم لها في الجامعات السويسرية

تلقى بعض المحاضرات كما تدرس بعض المواد باللغة الإنجليزية في الجامعات السويسرية Keystone

من المعروف أن لدى سويسرا أربع لغات وطنية، لكن عندما يتعلق الأمر بجامعاتها فإن اللغة الإنجليزية بصدد التحول شيئا فشيئا إلى لغة خامسة فيها.

ويقول الخبراءإن سويسرا لها تقاليد عريقة في استقبال الطلبة الأجانب وفي إرسال طلبتها للخارج، ولكن تنامي حضور الإنجليزية يعكس الآفاق الكونية التي تصبو إليها الجامعات السويسرية والتأثيرات الناجمة عن اعتماد إصلاحات “بولونيا” الأوروبية.

لا زالت الدول المجاورة للكنفدرالية والمانيا بوجه خاص تشكل المصدر الأول للطلبة والمدرسين الأجانب بالنسبة لسويسرا، ولكن عدد الطلبة القادمين من الدول الأخرى يعرف هو الآخر زيادة مرموقة.

وبالنسبة للدول من خارج القارة الأوروبية، تعتبر الصين البلد الذي له أكبر عدد من الطلبة في سويسرا، ولكل من الهند وروسيا أعداد هامة من الطلبة الذين يزاولون دراستهم في سويسرا، وبهذا تعتبر سويسرا البلد الأول الذي يستقبل أكبر عدد من الطلبة الأجانب في أوروبا (بالنسبة لإجمالي عدد الطلبة في البلاد)، والثاني في العالم بعد استراليا.

وقد رحبت ندوة عمداء الجامعات السويسرية بهذا التطور، معتبرة إياه بمثابة طريق ذي اتجاهين، إذ قالت يوهانا زيبيري من ندوة العمداء في حديث لسويس إنفو “إننا نشجع طلبتنا على التنقل بإرسالهم إلى الخارج وباستقبال طلبة أجانب لدينا وبتشجيع تنقل الأدمغة”.

وأضافت السيدة زيبيري، المسؤولة عن الاتصال بين الجامعات السويسرية والجامعات الأجنبية “إذا رغبت في استمالة الطلبة الأجانب، فأحسن طريقة للقيام بذلك تقديم دروس باللغة الإنجليزية، لأن هذه اللغة هي اللغة الأكاديمية”، لكن البرلمان الفدرالي لا زال منقسما حول ما إذا كانت اللغة الانجليزية هي التي يجب ان تصبح أول لغة أجنبية تدرس في مدارس البلاد أم لا.

فقد صوت مجلس الشيوخ السويسري يوم الثلاثاء 2 أكتوبر ضد فقرة وردت في قانون اللغات الجديد، مرغما بذلك السلطات التعليمية على تدريس لغة وطنية ثانية، إما الألمانية او الفرنسية او الإيطالية أو الرومانش قبل اللغة الانجليزية.

التعاون الأوروبي

لا يعتبر استخدام اللغة الانجليزية أمرا جديدا في الجامعات السويسرية، لكنه شهد تطورا كبيرا خلال العقد الأخير.

فالإعلان المعروف باسم “بولونيا” (نسبة للمدينة الإيطالية التي تحمل نفس الإسم) الصادر في عام 1999، الذي يهدف لإقامة فضاء أوروبي مشترك للتعليم العالي، يقتضي أن تتخلى كل الجامعات الأوروبية عن اهتماماتها الوطنية.

ومن أبرز النتائج المترتبة عن هذا التوجه، قيام هذه الجامعات بتوفير دروس ومناهج في مستوى الإجازة (ماستر) على الأقل باللغة الإنجليزية. وتعد سويسرا (التي اعتمدت إعلان “بولونيا” رغم عدم عضويتها في الإتحاد الأوروبي) من الدول النشطة في هذا المجال.

وفي المعهد الفدرالي التقني العالي في زيورخ “يُقدم ثلثا برامج الإجازة بطريقة تسمح للطالب بتفادي الحاجة إلى الإلمام باللغة الألمانية”، مثلما يقول أندرس هاغستروم، المسؤول عن العلاقات الدولية بالمعهد.

أما السبب الثاني الذي يكمن وراء اتساع الظاهرة فيتعلق بتغير الأجيال، إذ يقول هاغستروم لقد وصل جيل ثورة الإنجاب السابق إلى مرحلة التقاعد خلال العشرية الماضية، وهو ما يعني أن 80% من الأساتذة تم توظيفهم خلال السنوات العشر الأخيرة، وهم يملكون – بدون استثناء – تجربة في التدريس بالولايات المتحدة في حياتهم المهنية السابقة”.

ميادين بحث جديدة

السبب الثالث هو أن جامعات متخصصة في البحث العلمي، مثل المعاهد الفدرالية، مهتمة بشكل كبير بقطاعات البحث العلمي الصاعدة، بما في ذلك الهندسة البيولوجية – الطبية، وأنظمة الميكور والنانو وبيولوجيا الحاسوب.

ويشرح هاغستروم قائلا: “بما أن الأمر يتعلق بقطاعات جديدة، فإن المعاهد تبحث عن كفاءات جديدة وعن علماء أبحاث من طراز جديد”، وأضاف “ومن أهم الأسباب التي تجعل هذه البرامج مفتوحة لطلبة أجانب، هو لجلب طلبة لتحضير شهادة الدكتوراه”.

ويفخر المعهدان الفدرالييان (الثاني يوجد في لوزان)، بأنهما يؤويان عددا هاما من الطلبة ومن الإطارات. ففي مدرسة زيوريخ 60% من الأساتذة و56% من طلبة شهادة الدكتوراه من الأجانب، كما أن قسم الأبحاث يشتغل حصريا بالانجليزية.

ويعبر هاغستورم عن اقتناعه بأن سويسرا تستفيد كثيرا من توافد الطلبة الأجانب على جامعاتها، إذ أن العديد منهم يساهمون بقدر كبير في الاقتصاد السويسري، إما بالعمل في إحدى المؤسسات السويسرية، التي كثيرا ما تتسابق من أجل توظيف خريجي كبريات الجامعات والمعاهد أو بإطلاق مشروع مؤسسة ناشئة خاصة بهم.

كما أن وجود طلبة نشطين وطموحين، مفيد للجامعات أيضا، حيث يشير هاغستروم إلى أنه “من المهم جدا الحصول على دم جديد من وجهة نظر هذه المؤسسات”.

سويس إنفو – جوليا سلاتر

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه محمد شريف)

يوجد في سويسرا معهدان فدراليان تقنيان عاليان و10 جامعات
تصل نسبة الطلبة الأجانب في الجامعات السويسرية إلى 23%
اللغات الوطنية الأربع في سويسرا هي الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانش
في العادة، يتعلم الأطفال السويسريون لغة وطنية ثانية كأول لغة أجنبية في المدارس
بعض الكانتونات المتحدثة بالألمانية استبدلت هذا التقليد بتدريس اللغة الإنجليزية أولا

يتكلم الانجليزية كلغة أولى في العالم أكثر من 380 مليون نسمة ولكن العدد أقل بكثير ممن يتكلمون الصينية او الإسبانية.

لكن الانجليزية هي اللغة الأكثر انتشارا كلغة ثانية، بحيث يقدر عدد الأشخاص الذين لهم معرفة أساسية بالانجليزية بأكثر من مليار نسمة.

تعد اللغة الانجليزية اللغة الرسمية في 53 دولة، وهي إحدى اللغات الست الرسمية في منظمة الأمم المتحدة وإحدى لغات العمل الثلاث في الاتحاد الأوروبي.

يسجل استمرار اتساع الهوة القائمة بين اللغات التي يتحدث بها عدد كبير من الأشخاص وتلك التي لا يُجيدها سوى عدد محدود من البشر.

يُعتقد أن هناك أكثر من 7000 لغة متداولة اليوم في العالم، ويُتوقع أن ينقرض نصف هذا العدد بحلول عام 2100.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية