تايوان ترى أن المناورات الصينية في محيطها باءت بالفشل
قالت تايوان إن المناورات العسكرية بالذخيرة الحية التي تجريها بكين منذ الإثنين لمحاكاة حصار الجزيرة باءت بالفشل على الرغم من حشد عشرات الطائرات القتالية والسفن.
وقال هسييه جيه-شينغ المسؤول الرفيع في وزارة الدفاع التايوانية المعني بالاستخبارات “في ما يخصّ نيّتهم فرض حصار، أظنّ أن خفر السواحل التابعين لنا سبق لهم أن أوضحوا أن هذا الحصار لم يحدث في الواقع”.
وكان الرئيس التايواني لاي تشينغ تي قد دان “بشدة” التحرّك الصيني في وقت سابق الثلاثاء، قائلا في منشور على فيسبوك “تتجاهل الصين تطلعات المجتمع الدولي إلى السلام، وتتعمد تقويض الاستقرار الإقليمي من خلال الترهيب العسكري. هذا استفزاز سافر للأمن الإقليمي والنظام الدولي، وأنا أدينه بشدة”.
وفي منشور سابق، أكد لاي تشينغ تي أنّه يتصرف بمسؤولية “لعدم تصعيد التوترات وإثارة نزاعات”.
وعبر الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا الثلاثاء عن قلقها مؤكدة حرصها على الاستقرار في المنطقة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأوروبية أنيتا هيبر إن “السلام والاستقرار في مضيق تايوان لهما أهمية استراتيجية للأمن والازدهار الإقليميين والدوليين”، داعية بكين إلى “ضبط النفس”.
وقالت الخارجية الألمانية إن المناورات العسكرية الصينية تؤدي إألى “زيادة التوتر وتمس بالاستقرار في مضيق تايوان”.
وعبرت وزارة الدفاع الفرنسية عن “القلق”، ودعت “جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي تصعيد”.
وشاهد صحافيو وكالة فرانس برس في جزيرة بينغتان، وهي أقرب نقطة صينية من تايوان، وابلا من الصواريخ تطلق في الهواء قرابة الساعة التاسعة صباحا (01,00 بتوقيت غرينتش)، تاركة وراءها آثارا من الدخان الأبيض.
وأطلقت 10 صواريخ على الأقلّ تباعا، محدثة ضجيجا شديدا استقطب السياح لالتقاط صور وتسجيلات فيديو بهواتفهم المحمولة.
ورصدت السلطات التايوانية من جهتها إطلاق 27 صاروخا الثلاثاء.
وقال الجيش الصيني في بيان “في تمام الساعة 9,30 (1,30 بتوقيت غرينتش) في 30 كانون الأول/ديسمبر، أجرت القوات البرية التابعة لقيادة المنطقة الشرقية لجيش التحرير الشعبي تدريبات بالذخيرة الحية بعيدة المدى في المياه شمال جزيرة تايوان وحققت النتائج المرجوة”.
وأفادت وزارة الدفاع في تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي بأنها رصدت 130 طائرة عسكرية صينية على الأقل قرب الجزيرة وأكثر من 50 سفينة.
وهذا أعلى عدد من الطائرات الصينية التي تُرصد في يوم واحد في المنطقة منذ 15 تشرين الأول/أكتوبر 2024.
– “منطقة خطر موقت” –
أعلنت الصين صباحا عن نشر مدمرات وفرقاطات ومقاتلات وقاذفات “لإجراء تمارين رصد وتحقّق وإنذار وطرد ومحاكاة لضربات وهجمات على أهداف بحرية، فضلا عن عمليات مضادة للصواريخ ومضادة للغواصات”.
وأشارت قيادة المنطقة الشرقية لجيش التحرير الشعبي في بيان إلى أن هذه المناورات في المياه شمال تايوان وجنوبها سمحت بـ”اختبار قدرات التنسيق الجوي-البحري والحصار والسيطرة المدمجة”.
وهي نشرت خريطة لخمس مناطق كبيرة تحيط بالجزيرة حيث أقيمت “نشاطات إطلاق نار حي” في إطار هذه التدريبات التي أطلق عليها اسم “مهمة العدالة 2025”.
وأعلنت قناة “سي سي تي في” أن أحد أهداف هذه المهمة يقضي بمحاكاة “حصار” المرافئ التايوانية الاستراتيجية، لا سيما كيلونغ في الشمال وكاوهسيونغ في الجنوب.
والثلاثاء، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في خطاب ألقاه في بكين “في ظلّ الاستفزازات المستمرة من جانب القوى المؤيدة للاستقلال في تايوان ومبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان، يجب علينا بالطبع أن نعارضها بحزم ونتصدى لها بقوة”.
وأشار وانغ الذي كان يتحدث في ندوة سنوية للعلاقات الدولية في بكين، إلى أن أي محاولة لعرقلة توحيد الصين مع تايوان “ستنتهي حتما بالفشل”.
ووصف الناطق باسم الخارجية الصينية لين جيان المناورات بـ”الردّ العقابي على القوى الانفصالية الداعية للاستقلال في تايوان والإجراءات الضرورية للدفاع عن السيادة الوطنية وسلامة الأراضي”.
وهتفت مجموعة من النساء المسنّات كنّ يلتقطن صورا في بينغتان “توحيد الوطن الأمّ”، بحسب صحافيي وكالة فرانس برس.
وكشفت تايوان أن بعض المناطق التي حددتها الصين لهذه المناورات كانت على مسافة أقل من 12 ميلا بحريا (نحو 20 كيلومترا) من سواحلها.
وأشارت إدارة الطيران المدني في تايوان إلى أن بكين أعلنتها “منطقة خطر موقت” مدة عشر ساعات الثلاثاء، ما من شأنه أن “يتسبب في تعطيل حركة الطيران في المنطقة”.
ويتوقّع أن تؤثّر هذه المناورات على أكثر من 857 رحلة داخلية ودولية ورحلات عبور.
– “مجرّد ترهيب” –
وأعلن خفر السواحل في تايوان الثلاثاء أنّه نشر 14 سفينة لمراقبة النشاط البحري، “باستخدام نهج تتبع فردي لردع السفن الصينية بشكل حازم”.
وكشفت وكالة الأخبار العسكرية في تايوان عن إجراء عدّة تمرينات ردّا على المناورات الصينية، من بينها تمرين في منطقة تايبيه يتمحور على سرعة التدخّل ونشر عراقيل مائية.
وخيّم الهدوء عموما على الجزيرة.
وقال تشيانغ شينغ-مينع، وهو بائع سمك في الرابعة والعشرين من العمر في أحد أسواق العاصمة “على مرّ السنوات، جرت تمرينات كثيرة من هذا النوع لدرجة بتنا معتادين عليها”.
ورأى بائع الفواكه الثمانيني تسنغ تشانغ-تشيه أنه “من المستحيل أن تندلع حرب. فهو مجرّد ترهيب، وإذا ما هاجموا تايوان، فسيدفعون الثمن غاليا”.
والإثنين، أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه ليس قلقا بشأن المناورات العسكرية التي تنفّذها الصين بالذخيرة الحية حول تايوان، مستبعدا احتمال قيام نظيره شي جينبينغ بإصدار أوامر بغزو الجزيرة.
وتعتبر الصين تايوان جزءا من أراضيها، ولم تستبعد ضمها بالقوة إذا لزم الأمر.
ويأتي هذا الاستعراض للقوة بعد أسابيع من التوترات بين الصين واليابان والتي بدأت بتصريحات تشير إلى إمكان دعم طوكيو لتايوان في حال نشوب نزاع مسلح في المستقبل.
وتأتي هذه المناورة العسكرية أيضا عقب صفقة بيع أسلحة أميركية جديدة لتايبيه في منتصف كانون الأول/ديسمبر، هي الثانية منذ عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، بقيمة إجمالية بلغت 11,1 مليار دولار.
بور-جي/الح-ناش-م ن/ص ك/ع ش