مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تعزيز سويسري لجهود إعادة الأموال المنهوبة إلى أصحابها

سويسرا هي البلد الوحيد الذي أعاد الأموال المودعة من طرف الدكتاتور السابق ساني أباشا في بنوكها إلى السلطات النيجيرية swissinfo.ch

في عام 2005، أعادت سويسرا 500 مليون دولار إلى نيجيريا. هذه الأموال، التي اكتُـسبت، حسب ما يبدو، بوسائل إجرامية، أودعت من طرف الدكتاتور العسكري السابق ساني آباشا في المصارف السويسرية.

انطلاقا من هذه التجربة، تعتزم سويسرا لعب دور محوري في عمليات إعادة الأموال غير المشروعة المودعة في المراكز المالية الدولية.

في شهر نوفمبر 2005، أعلنت سويسرا عن التوصّـل إلى حل نهائي بخصوص مئات الملايين من الدولارات، التي حوّل وجهتها الدكتاتور العسكري النيجيري السابق ساني آباشا، لتستقر في حسابات مصرفية بسويسرا.

الإعلان كان نهاية المطاف لمسار قانوني معقّـد انطلق في موقى التسعينات، عندما وجّـهت السلطات النيجيرية سلسلة من طلبات التعاون القضائي إلى الكنفدرالية لاسترداد حوالي 700 مليون دولار، نهبها الحاكم السابق للبلاد.

فبعد أن اتخذت السلطات السويسرية في عام 1999 قرارا بتجميد المبلغ الذي كان موزّعا على عدة مصارف، تمّ التوصّـل إلى اتفاق شامل رعاه البنك الدولي وشارك في تنفيذه بنك التسويات الدولية (مقره بازل)، قامت بمقتضاه سويسرا بتحويل المبالغ إلى سلطات أبوجا، وِفق شروط محدّدة.

هذه الشروط، التي تعهّـد البنك الدولي بمتابعة تنفيذها، تمثلت في تخصيص الأموال المستعادة لتمويل برامج تنموية، تشمل الهياكل الأساسية والصحة والتعليم في هذا البلد، الذي يُـعتبر أكبر وأفقر بلدان غرب إفريقيا.

علامات على الطريق

تكمن أهمية المقاربة السويسرية لقضية أموال الدكتاتور السابق ساني آباشا في أنها وضعت – على حدّ تعبير السلطات النيجيرية – “علامات” لتقتدي بها البلدان الأخرى المعنية بهذا الملف، حيث توصّـلت التحقيقات إلى أن إجمالي المبالغ التي حوّلها آباشا من خزينة بلاده إلى الخارج من عام 1993 إلى 1998، تناهز 2،2 مليار دولار وأنها تتوزّع على عدّة بلدان.

في المقابل، مثلت سويسرا الاستثناء الوحيد لحدّ الآن، إذ لم تتمكّـن السلطات النيجيرية الحالية من التوصّـل إلى أي اتفاق مع البلدان الأخرى لاستعادة الأموال المتبقية.

على صعيد آخر، قرّرت سويسرا أن تستفيد من هذه التجربة وتلعب دورا رائدا فيما يتعلق باستعادة الأموال غير المشروعة المودعة في المراكز المالية الدولية من طرف دكتاتوريين أو مسؤولين كبار، يُـقدِمون على نهب الأموال العمومية، على اعتبار أن ذلك يمثل عنصرا مهمّـا في التصدّي للجريمة المالية الدولية.

حوار مباشر

وفي محاولة لاقتران القول بالفعل، عقدت دائرة القانون الدولي التابعة لوزارة الخارجية السويسرية مؤخرا اجتماعا حول هذا الموضوع في لوزان، تمحور حول البحث عن الوسائل الكفيلة بتسهيل الإعادة السريعة والناجعة للأموال المختلسة من البلدان الأصلية.

ويوضح بول سيغر، رئيس دائرة القانون الدولي بوزارة الخارجية والشخصية المحورية في التمشي السويسري في تصريحات صحفية، أن إنجاز هذا الهدف “لا يمكن أن يتم إلا في إطار الحوار بين البلدان المطالبة (بالأموال) والمراكز المالية (المعنية)”.

ويضيف المسؤول السويسري، أنه “من الأهمية بما كان أن تكون الساحة المالية السويسرية نظيفة وأن لا تُـؤوي أموالا كان من المفترض أن تكون في خدمة البلدان الضحية لمسؤولين لا أخلاق لهم”.

في اجتماع لوزان، استمعت سويسرا وممثلو المراكز المالية الدولية الأخرى إلى مآخذ الدول المطالبة بأموالها، وعلى رأسها ما يتعلق بإجراءات التعاون القضائي الجنائي، التي تتّـسم بالثقل والتعقيد وقلة الشفافية ما حوّلها إلى عقبة بوجه استعادة الأموال المنهوبة.

مؤتمر في ديسمبر

الحوار الذي دار في مدينة لوزان، أدّى إلى طرح بعض المقترحات العملية. فعلى سبيل المثال، سيكون من الأجدى أن تقوم لجان مشتركة، تضم ممثلين عن البلد المطالب بالأموال والمركز المالي المعني بها، بالعمل معا منذ البداية لتقديم طلب التعاون القضائي إلى السلطات. ومن المؤكد أن تعاونا من هذا القبيل، سيساعد على ربح الكثير من الوقت.

من جهة أخرى، تم الحديث عن تعيين محام يعرف بشكل جيّـد أساليب العمل القضائي، لمساعدة البلدان المطالبة. كما نوقشت، على المستويين السياسي والقانوني، مسألة تحويل عبء تقديم الحُـجج لتقع على كاهل الحكام والمسؤولين السابقين المتهمين.

تجدر الإشارة إلى أن اجتماع لوزان يندرج في إطار مؤتمر الدول الموقِّـعة على معاهدة الأمم المتحدة ضد الفساد، وهي معاهدة لا سابقة لها، حيث تُـرغم المراكز المالية على إعادة الأموال المكتسبة بصفة غير مشروعة إلى بلدانها الأصلية. ومن المقرر أن يعقد هذا المؤتمر أول اجتماع له في شهر ديسمبر القادم في الأردن.

سويس انفو مع صحيفة لوتون

أعادت سويسرا في السنوات الماضية مبالغ متفاوتة إلى بلدان إفريقية وآسيوية وأمريكية لاتينية، أودعت من طرف حكام سابقين في مصارف الكنفدرالية.

2005: 500 مليون دولار (أودعها ساني آباشا، رئيس نيجيريا السابق)
2005: 21 مليون دولار (أودعها دوس سانتوس، رئيس أنغولا السابق)
2002: 3،9 مليون دولار (أودعها موسى طراوري، رئيس مالي السابق)
2002: 77 مليون دولار (أودعها فلاديميرو مونتيسينوس، الحاكم العسكري السابق للبيرو)
2000: 10،5 مليون دولار (أودعها بافلو لازارينكو، رئيس وزراء أوكرانيا السابق)
1999: 570 مليون دولار (أودعها الدكتاتور الفيليبيني السابق فرديناند ماركوس)

دخلت معاهدة الأمم المتحدة ضد الفساد حيّـز التطبيق يوم 14 ديسمبر 2005.
تمّـت المصادقة على المعاهدة في عام 2003 ثم وقعت عليها 140 دولة، ودخلت حيز التطبيق بعد مصادقة 38 دولة عليها.
تقوم هذه المعاهدة على أربع أسس: الوقاية وتجريم الفساد والتعاون الدولي واستعادة الأموال.
توفـّر هذه المعاهدة، للمرة الأولى في التاريخ، وفي أي مكان من العالم، إمكانية استعادة الأموال المنهوبة وتضع حدّا للتبريرات القديمة، مثل السر المصرفي، التي كانت تقف عائقا بوجه مكافحة الفساد.

رفعت في سويسرا قضايا أخرى ضد حكام ومسؤولين كبار من بلدان أجنبية بتهمة اختلاس أموال عمومية وإيداعها في المصارف السويسرية، لكن القضاء لم يتّـخذ فيها أي قرار بالإعادة لعدم اقتناعه بالأدلة المقدّمة.

هذه القضايا تعلقت برئيس الزايير الراحل موبوتو سيسي سيكو وبكونان بيديي، رئيس الوزراء في كوت ديفوار وبي نظير بوتو، رئيسة وزراء باكستان السابقة ونور سلطان زاكاييف، الرئيس السابق لكازاخستان.

كما تعلّـقت قضايا أخرى بالرئيس المكسيكي السابق كارلوس ساليناس وشقيقه ورئيس هايتي السابق جون كلود دوفاليي وكارلوس منعم، رئيس الأرجانتين السابق.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية