مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خطر العقاقير النفسانية على الأطفال

أثبتت الدراسات أن تأثير بعض العقاقير على الأطفال، له عواقب مدمرة. Keystone

تبيّن الأبحاث الجارية في سويسرا والولايات المتحدة وبلدان أخرى، إقبالا متزايدا على استخدام العقاقير النفسانية لمعالجة أي خلل في تصرفات الأطفال.

وينسب رئيس قسم الطب النفساني بمستشفى الأطفال في زيوريخ هذه النزعة لاكتشاف عقاقير نفسانية أقل وطأة من ذي قبل.

تفيد الدراسات المقارنة التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية على نطاق واسع، بأن الإقبال على وصف العقاقير النفسانية للأطفال والأحداث قد تضاعف خلال السنوات القليلة الماضية بالمقارنة مع الثمانينات والتسعينات.

ويقول الدكتور Daniel Marti رئيس قسم الطب النفساني بمستشفى الأطفال في زيوريخ، إن الوضع في سويسرا لا يختلف كثيرا عنه في الولايات المتحدة، وأن هذه التطورات ترجع غالبا لاكتشاف عقاقير نفسانية أخفّ وطأة وأقل مضاعفات بعيدة الأمد على الإنسان، من ذي قبل.

وتعود هذه الاكتشافات كما يقول الدكتور مارتي، لأواسط التسعينات، حينما ظهرت في الأسواق فئة جديدة من أدوية مكافحة الإحباط والكآبة، تختلف عمّا كان معروفا من قبل بإمكانية استخدامها لهدف معيّن وفي حالات محدّدة.

مجازفات التقدّم بأي ثمن!

ويقول الدكتور مارتي، إن تلك العقاقير النفسانية الجديدة والمعروفة بفئة السيروتونين الإختياريّ (Selective Serotonin)، لا تترك كثيرا من المضاعفات غير المرغوب فيها على ما يبدو، ولا تصلح بالمرة لمحاولات الانتحار.

علاوة على ذلك، هنالك أصناف من هذه العقاقير النفسانية لا تصلح لمكافحة القنوط والكآبة فحسب، وإنما في الإمكان استخدامها في حالات الضيق أو سوء الطباع، وفي حالات الخوف والفزع أيضا.

ومما يَبعث على قلق بعض الأطباء النفسانيين في سويسرا هو أن بعض الأطفال يتناول نوعين من الأدوية أحيانا، أحدهما لمكافحة القنوط والكآبة والثاني كمُنعش ومنشّط، وذلك حسب وصفات من أطباء عاديين لا خبرة لهم بعلم النفس أو بالتطبيب النفساني، كما يقول الدكتور François Ladame، رئيسُ قسم الطب النفساني للأطفال والأحداث بالمستشفى الجامعي في جنيف.

ويقول الدكتور لادام، إن العلاج للأطفال والأحداث الذي تبدو عليهم أعراض القلق أو التشويش والشغب، لا بُدّ وأن يبدأ بالعلاج النفساني التقليدي بعيدا عن الكيميائيات والأدوية. ويضيف أن الخبرات الطبية والعلمية بأدوية محاربة القنوط والكآبة خاصة من فئة السيروتونين الإختياريّ، ليست كبيرة ولا كافية لتعميم استخدام مثل هذه الوسائل العلاجية.

أطفال في قفص المدن الصناعية

ويشير علماء النفس والاجتماعيات، الذين لا يحبذون المغالاة في اللجوء للعقاقير النفسانية كوسيلة للتغلب على مشاكل الأطفال، إلى أن الأطفال في البلدان الصناعية الثرية، خاصة في المدن والتجمعات السكنية الكبيرة، يعانون من ضغوط نفسانية متعددة لا يعرفها الأطفال في القرى والأرياف.

وتعود تلك المشاكل في كبريات المدن الصناعية، لابتعاد الأبوين عن المنزل العائلي طلبا للعمل خلال النهار، كما تعود لضيق الكثير من الأحياء السكنية وافتقارها للملاعب أو المنتزهات التي تسمح للأطفال والأحداث باستنزاف ما لديهم من طاقات كامنة أو بالصراخ وإحداث الضجيج دون إزعاج الجيران.

وتؤكد هذه الأوساط أن حركة السيارات وضروريات الأمن والسلامة في المدن المزدحمة، تحِدّ كثيرا من حركة الأطفال وتعتبر أحد العوامل العديدة التي تتسبب في كآبة البعض وفي التصرفات العدائية أو الغريبة عند البعض الآخر.

وتقول هذه الأوساط، إن العقاقير النفسانية ليست الحل لهذه المشاكل، وإنما الحل هو في رعاية الأطفال والاهتمام بهم، وفي توفير المكان، حيث يستطيع الأطفال اللعب وإحداث الضجيج بحرية كافية، دون مضايقة أحد ودون الخوف من حركة المرور بالمدينة.

جورج أنضوني – سويس إنفو

يتصاعد الجدل في الأوساط الطبية والعِلمية السويسرية والأجنبية حول الإقبال المتزايد منذ بضع سنوات، على استخدام الأدوية النفسانية لتصحيح أية تصرفات مزعجة لدى الأطفال، بمعنى تلك التصرفات المشوّشة التي لا يرى فيها بعض الأطباء النفسانيين سوى محاولة عفوية يقوم بها الطفل لشد الانتباه والاهتمام.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية