
ميرتس يؤيد خلال زيارة لباريس ووارسو تخفيف قواعد ميزانية الدفاع الأوروبية

أيّد المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس تخفيف القيود المفروضة على الميزانية الأوروبية للسماح لدول الاتحاد الأوروبي باستثمار المزيد في الدفاع، وذلك خلال زيارة أجراها الأربعاء إلى باريس قبل أن يغادرها إلى وارسو.
وقال ميرتس خلال مؤتمر صحافي في وارسو إنه “قادر على تخيل” تطبيق الاتحاد الأوروبي “أمرا مماثلا” لما فعله للتو في ألمانيا بشأن قواعد الاستقرار الذي تُحدّد سقفا للعجز العام في الدول السبع والعشرين الأعضاء في التكتل، من خلال جعل جزء من الإنفاق الدفاعي من خارج الميزانية.
وتمكن ميرتس الذي انتخب مستشارا الثلاثاء من دفع البرلمان إلى التصويت لصالح رفع القيود الصارمة جدا في ألمانيا الهادفة للحد من قدرة الحكومة على الاقتراض، علما أنها أكثر صرامة بكثير من تلك المعتمدة على المستوى الأوروبي.
وقام بهذه الخطوة خصوصا ليتمكن من تمويل خطة لإعادة تسليح ألمانيا في مواجهة التهديد الروسي، وتبلغ قيمتها مئات مليارات اليورو على مدى سنوات، وبالتالي زيادة مساهمة بلاده في حلف شمال الأطلسي.
وعمليا، تحررت الحكومة من قيود “كبح الديون” لتمويل الإنفاق الدفاعي الذي يتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني. ويؤكد ميرتس أنه يستطيع تصور تطبيق هذه الآلية على مستوى الاتحاد الأوروبي.
– انطلاقة جديدة –
وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس صباح الأربعاء تعزيز التعاون في مجال الدفاع وذلك أثناء زيارة المسؤول الألماني الجديد لباريس في أول رحلة له إلى الخارج، قبل توجهه إلى وارسو.
وقال ماكرون “نريد أن نستجيب معا للتحديات التي تواجه أوروبا”، داعيا إلى إحياء “التفاعل الفرنسي الألماني” بعدما شهدت علاقات البلدين تعقيدات خلال أربع سنوات من تولي الاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتس منصب المستشار في ألمانيا.
وقال فريدريش ميرتس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون في قصر الإليزيه “اتفقنا على بداية جديدة لأوروبا”، مؤكدا أن الشراكة الفرنسية الألمانية لم تكن دائما “واضحة” على الرغم من الرغبة المؤكدة فيها تعزيزها.
وفي وارسو، تحدث رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عن “انفتاح جديد، ربما يكون الأهم في تاريخ العلاقات الألمانية البولندية منذ أكثر من عشر سنوات”.
ودعا توسك ميرتس إلى التركيز على تعزيز حماية الحدود الخارجية لأوروبا والحفاظ على منطقة شنغن للتنقل الحر بين بلدانها، وذلك مباشرة بعدما أعلنت برلين أنها ستعزز الرقابة على الحدود لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وقال توسك في مؤتمر صحافي مشترك مع ميرتس في وارسو إن “من مصلحة” ألمانيا وبولندا أن تسمح حدودهما المشتركة “بالمرور الحر” لمواطني البلدين، معتبرا أنه يجب “التركيز على حماية الحدود الخارجية” للاتحاد الأوروبي.
وتعلق كل من وارسو وباريس آمالا كبيرة على فريدريش ميرتس الذي يتحدث بوضوح عن تعزيز السيادة الأوروبية، بما في ذلك السيادة العسكرية.
وفي حديثه عن التعاون البولندي الألماني الفرنسي، قال توسك إنه “مقتنع بأن مستقبل أوروبا يعتمد إلى حد كبير على عمل هذا المثلث”.
ومن المقرر أن توقع فرنسا وبولندا الجمعة، معاهدة ثنائية جديدة في نانسي، وصفها توسك بأنها “تغير قواعد اللعبة” في مجال التعاون المتبادل، وخصوصا في مجال الأمن.
– الحاجة إلى الأميركيين-
وتسعى أوروبا إلى تعزيز دفاعاتها في ظل الحرب الأوكرانية والشكوك المحيطة بالالتزامات الأمنية الأميركية تجاه أوروبا في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وميرتس الذي انتخب مستشارا الثلاثاء، مؤيد للاتحاد الأوروبي وداعم لأوكرانيا ولإقامة علاقات وثيقة بين ضفتي الأطلسي، وتعهد استرجاع دور ألمانيا عالميا بعد نصف عام من الشلل السياسي.
وكغيرها من العواصم الأوروبية تراقب برلين بقلق مساعي ترامب دفع الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين لإبرام اتفاق سريع لإنهاء الحرب.
وفشلت جهود الوساطة الأميركية في وقف الحرب، وهدد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الشهر الماضي بالانسحاب من المحادثات في حال عدم تحقيق تقدم.
غير أن ميرتس قال إن الحرب في أوكرانيا لا يمكن أن تنتهي من دون دور للولايات المتحدة.
وقال “لا يمكن إنهاء هذه الحرب في أوكرانيا من دون الالتزام المتواصل للولايات المتحدة الذي لا يمكن أن يقدّم الأوروبيون بديلا عنه”.
وقال إن مشاركة واشنطن ضرورية في أي وقف لإطلاق النار وضمانة أمنية لأوكرانيا.
وتقود فرنسا وبريطانيا نقاشات بين “تحالف الدول الراغبة” المكون من 30 دولة بشأن نشر محتمل لقوات حفظ سلام في حال التوصل الى اتفاق لوقف النار.
غير أن ميرتس قال “وفي نفس الوقت ندرك أننا سنظلّ بحاجة للأميركيين”.
وأضاف “نريد أن يظل الأميركيون منخرطين وأن يلتزموا بمسؤولياتهم داخل حلف شمال الأطلسي وتجاه أوكرانيا”، مشددا على أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب “يحظى بدعمنا الكامل عندما يتعلق الأمر بإنهاء الحرب”.
وقال إن الدول الأوروبية مستعدة للمشاركة في أي مراقبة مستقبلية لوقف إطلاق النار “تحت قيادة ومشاركة الولايات المتحدة”.
وشدد على أنه يريد مناقشة “الردع” النووي في القارة الأوروبية مع فرنسا وبريطانيا.
وأضاف “سنمنح وزراءنا المعنيين تفويضا لبدء هذا النقاش” معتبرا أن أي إجراء من هذا النوع سيكون “مكمّلا لما لدينا بالفعل مع شركائنا الأميركيين داخل حلف شمال الأطلسي”.
وأعرب بالفعل عن تأييده لفكرة وضع بلاده المعتمدة على الحماية النووية الأميركية، تحت المظلة الفرنسية والبريطانية ما يشكل تغيّرا كبيرا في التقليد الممارس في ألمانيا.
– ميركوسور –
وأشار ماكرون وميرتس أيضا إلى أنهما يريدان “تعزيز” مجلس الدفاع والأمن الفرنسي الألماني لتقديم “اجابات عملية” ملموسة للتحديات الاستراتيجية المشتركة.
ويتوقع أيضا أن يعمل مجلس من وزراء فرنسيين وألمان اعتبارا من الصيف، على تجسيد الرغبة في إعادة إطلاق التعاون والتنسيق الثنائي.
ولكن من غير المرجح أن تختفي اختلافات أخرى بين ليلة وضحاها.
ودعا ميرتس الذي تعد بلاده من كبار المصدرين، دول الاتحاد الأوروبي إلى التصديق “بسرعة” على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد ودول ميركوسور (الأرجنتين والبرازيل وأوروغواي وباراغواي)التي تعارضها فرنسا خوفا من احتجاجات المزارعين.
ورد الرئيس الفرنسي قائلا “سنعمل على التوصل إلى اتفاقيات تسمح بالحفاظ على ظروف عمل عادلة وتحقّق العدالة لمنتجينا”.
ولم تُثر هذه المسألة في بولندا التي أيدت تحفظات باريس بشأن هذا الاتفاق.
ففف-فل-اه/غد-س ح/بم