مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“هل قطر مستعدة لاستقبال العالم؟ لا أعتقد ذلك”

عائلة سويسرية مغتربة في قطر
بريجيت غونزاليس * (اسم مستعا) ، وهي الام في أسرة مكونة من خمسة أفراد أمام أبراج الدوحة: هذه السويسرية السويسري المقيمة في الخارج تحرص على ابقاء هويتة مخفية تجنبا للمشاكل المحتملة. zVg

أيام معدودة فقط تفصلنا عن إطلاق صافرة البداية لمنافسات كأس العالم لكرة القدم في قطر في نسختها لعام 2022. فكيف يعيش السويسريون والسويسريات في هذا البلد الذي وُجهت له منظمات غير حكومية بعض الانتقادات؟ المعلمة بريجيت غونزاليز* تطلعنا على بعض التحديات التي واجهتها أثناء إقامتها في دولة قطر.

“إنني أعيش على ضفاف الخليج العربي، لأني حصلت على فرصة عمل في قطر قبل ست سنوات. وكان هذا من المدرسة السويسرية الدولية. ولكن هذ المدرسة لا تمت لسويسرا بأية صلة، سوى في حملها لهذا الاسم. بل إنها تُستخدم هنا لأغراض تسويقية. وفي الأثناء انتقلت للعمل كمعلمة في مدرسة قطرية.

لقد عشت قبل ذلك في كل من كندا، وبريطانيا وجمهورية التشيك، وقبرص. أما مولدي فكان في سويسرا، حيث قضيت أول خمس سنوات من عمري في زيورخ. بعدها كنا ننتقل بسبب عمل والدي كل ثلاثة أو أربع سنوات إلى بلد آخر. وقد أنهيت دراستي في أمريكا الجنوبية؛ وهناك تعرَّفت على زوجي وأسست أسرة.

محتويات خارجية

وفي الواقع، إننا نحلم بالعودة يوماً ما إلى سويسرا. لكننا لم نجد بعد سبيلاً لتحقيق ذلك بعدُ. وحتى ذلك الحين، فإننا نسعى لتوفير نفس أسلوب المعيشة التي عشتها في طفولتي لأبنائنا الثلاثة.

عائلة تحت العلم السويسري في الدوحة، الذي رفع في ساحة الأعلام احتفاءً بكأس العالم 2022.
«ساحة الأعلام» على كورنيش الدوحة، هي عبارة عن تركيب فني جديد في العاصمة القطرية حيث يرفرف 119 علما يمثل بلدان العالم. وهي عبارة عن منصة للتعبير عن التقاء العالم في قطر بمناسبة منافسات كأس العالم. zVg

أما السبب الأساسي الذي جعل زوجي يُقْدم قبل ست سنوات على قرار العيش في قطر، فقد كان إقامة بطولة كأس العالم بها. والآن لم يتبقَ سوى أقل من أسبوعيْن على هذا الحدث، والأجواء هنا رائعة. فالكل يتكلمون عن البطولة، وأغنية كأس العالم تتردد في كل مكان، كما تبيع المحلات سلعاً للمشجعين، وأينما نظرت تجد ابتهاجاً هائلاً بالبطولة، حتى بين القطريين والقطريات أنفسهم. ولكن هل هم حقاً مستعدون لاستقبال تدفق العالم إليهم من كل حدبٍ وصوب. لا أعتقد. فقطر عالم في حد ذاته. بل تعتبر الثقافة المحلية هي التحدي الأكبر الذي نواجهه في حياتنا بها. وهذا على الرغم من أنني عشت في الكثير من الثقافات المختلفة. لكنني أجد صعوبة في إيجاد توازناً. فمن ناحية هناك ذاتي ورغبتي في أن أظل كما أنا. ومن ناحية أخرى يوجد التعامل مع الثقافة القطرية باحترام. حتى أن هذا الأخير يعد شرطاً ينص عليه عقد العمل الخاص بي.

فأبناء البلد يتسمون بشدة المحافظة. وليس لديهم أي مانع في إبلاغ من أمامهم بما يجب أن يفعله أو يتركه. فعلى سبيل المثال، لا يحب أحد رؤية التلامس بين اثنين. حيث لُفت نظري أنا وزوجي في أحد المقاهي، حينما أمسكنا بأيدي بعضنا البعض.

من هنا، آمل أن تأتي بطولة العالم لكرة القدم ببعض التغيير للبلد. فالدوحة سوف تكون محط أنظار الجميع في الأسابيع القادمة. وأتساءل ما الذي سيفعلونه إذا لم يقم أحد من السائحين أو السائحات بتغطية الأكتاف أو إذا ما قبَّل بعض مشجعي كرة القدم بعضهم البعض في مكان عام.

المزيد
رمز
Flaggen Fussball Weltmeisterschaft Doha im Hintergrund die Skyline und FIFA Worldcup

المزيد

العدُّ التنازلي لبطولةِ كأسِ العالمِ في قطر: “أبقارٌ نُقلت جوًّا”

تم نشر هذا المحتوى على كيف تبدو الحياة في قطر، هذا البلد الخليجي الصغير قبل أسابيع قليلة من انطلاق منافسات كأس العالم لكرة القدم 2022.

طالع المزيدالعدُّ التنازلي لبطولةِ كأسِ العالمِ في قطر: “أبقارٌ نُقلت جوًّا”

من جانب آخر، تعتبر الكحول مشكلة في قطر. فإذا أراد أحدنا شرب كوباً من النبيذ أو البيرة، فلابد أن يفعل ذلك داخل بيته، أو لدى أصدقائه أو في أحد الفنادق. فهذا الأمر محظور في الأماكن العامة. وكي يتمكن المرء من شراء الكحول، فإنه يحتاج إلى رخصة، كما لا يمكن شراء الكحول إلا في محل واحد فقط. هناك كذلك قواعد محددة للمبلغ المالي الذي يسمح بإنفاقه لشراء الكحول ـ ألا وهو 24% من الدخل الشهري، بحدٍ أقصى. وقد تبدو هذه النسبة عالية. ولكن ثمن 24 علبة بيرة يصل هنا إلى 120 دولاراً.

جدير بالذكر، أن تكاليف الحياة في قطر مرتفعة للغاية، بل إنها تعادل نفس ارتفاعها في سويسرا. لكن الدخل هنا عال جداً، كما أن المواطنين والمواطنات يحصلون على خدمات إضافية. فالدولة تتحمل مصاريف مدارس الأولاد، ويمكننا السكن مجاناً، كذلك فإن التأمين الصحي مدفوع، ونحصل مرة في كل عام على تذاكر طيران مجانية، للسفر إلى أوطاننا.

فتى في الحديقة في الدوحة - الأرصفة مكيفة.
أصغر فرد في العائلة يتحدى الحرارة: توجد في قطر حدائق بها مسارات مكيّفة. zVg

من جهتي، فإنني لا أرى أن هذا النقد اللاذع الموجه لقطر مبرراً. فكل بطولات العالم لكرة قدم كان لها مشاكلها. وكثيرٌ ما يضخم الإعلام الوضع على الأرض. صحيح أن البلد قد بنيت على أكتاف العمال، وبالتأكيد أنهم لاقوا بعضاً من سوء المعاملة من الطبقة العليا. ولكن ليس لدي معلومات كافية حول وقوع وفيات أو بخصوص ظروف العمل في الدوحة، حتى أعُلِّق على هذا الأمر.

لكن ما يمكنني التعليق عليه هو التعامل مع فيروس كورونا في السنوات الأخيرة. وأعتقد أن قطر قد تعاملت مع هذه الجائحة بالصورة المثلى. أما بالنسبة لتنظيم البطولة حالياً في شهري نوفمبر وديسمبر، فصحيح أن هذا ليس بالوقت الأفضل.

ولكن لو أقيمت في شهر يونيو لما كان من الممكن احتمالها بسبب الارتفاع الشديد للحرارة. فالطقس في نوفمبر يكون رائعاً. ونحن بدورنا قد حصلنا على تذاكر لمباريات سويسرا. وللأسف أن الدولة التي ينحدر منها زوجي لم تتأهل للبطولة، والتي ستكون بالتأكيد حدثاً رائعاً.”

*تم تغيير الاسم بناء على رغبة ضيفتنا في هذا اللقاء. فهي تخشى من أية عواقب سلبية نتيجة لتصريحاتها. يقوم موقع SWI swissinfo.ch بإخفاء الأسماء في الحالات الاستثنائية فقط. ووفقاً لقواعدنا فلابد من أن تكون “أسباب إخفاء الهوية مبررة، وموضحة وبالتالي يتم مراعاتها“.

تجدُ قطر نفسها في مواجهةِ انتقادات شديدة منذ منحها حقَّ تنظيم نهائيّاتِ كأس العالم. وعلى الرغم من أنَّ ظروفَ العاملاتِ والعمالِ المهاجرينَ قد تحسنتْ منذ قرارِ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بمنحِها حق استضافة النهائيّات، إلّا أنَّ النقدَ لم ينقطع.

قبلَ شهرٍ من صافرةِ الانطلاق أصدرتْ منظمة العفو الدوليةرابط خارجي تقريرًا جديدًا. المنظمةُ غيرُ الحكومية طالبتْ في تقريرها قبلَ بدء البطولة كلًّا من قطر والاتحاد الدولي بإجراءِ تحسيناتٍ جذرية. وفقًا لتقرير العفو الدولية فإن الأوضاعَ السيئةَ ما زالت قائمةً: قوانينُ رهاب المثلية، تقييدُ حرية الصحافة وقصورٌ في قانون العمل. ثلاثةُ ملايينَ همْ سكان وساكنات البلاد المُطلة على الخليج الفارسي. لكنَّ 15% منهم فقط قطريون وقطريات. يشكّلُ العمالُ المهاجرون والعاملاتُ المهاجرات مِمّن لا يحملونَ الجنسيةَ القطرية الجزءَ الأكبرَ منَ السُّكّان. نسبةُ الأجانبِ في البلاد هي واحدةٌ من أكبرِ النِّسبِ في العالم.

 تحرير:  بالتس ريغندينغر

ترجمة: هالة فراج

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية