The Swiss voice in the world since 1935

ابتكار نوع من خبز التورتيّا في المكسيك يُحفَظ من دون ثلاجات

afp_tickers

تدرس عالِمة الأغذية راكيل غوميس بواسطة المجهر الكائنات الحية الدقيقة التي تضيف عناصر غذائية إلى خبز التورتيّا وتحافظ عليه لأسابيع عدة من دون الحاجة إلى الثلاّجات، التي تُعدّ من الكماليات ويشكّل اقتناؤها ترفا في المجتمعات المكسيكية الفقيرة.

من صحاري شمال المكسيك القاحلة إلى غاباتها الاستوائية الجنوبية، يتناول المكسيكيون جميعا خبز التورتيّا الذي يُعتَبَر من الأطعمة المكسيكية الأساسية ويُستخدَم في أطباق عدة بينها التاكو.

ويشتري معظم المكسيكيين تورتيّا الذرة الطازجة من المتاجر الصغيرة في الأحياء.

تحتوي التورتيّا المصنوعة من دقيق القمح والتي ابتكرتها غوميز وفريقها على البروبايوتكس، وهي كائنات دقيقة حية موجودة في اللبن وأطعمة مخمرة أخرى.

بالإضافة إلى الفوائد الغذائية، تضمن المكونات المخمرة إمكانية حفظ التورتيّا لمدة تصل إلى شهر من دون الحاجة إلى تبريد، أي لفترة أطول بكثير من التورتيّا المصنوعة منزليا، بحسب مبتكريها.

تقول غوميس، وهي أستاذة في جامعة “ناشونال اوتونومس يونيفرسيتي اوف مكسيكو”، في حديث إلى وكالة فرانس برس من مختبرها، إنّها كانت تفكّر عند ابتكار التورتيّا “بالأشخاص الأكثر فقرا”.

وبحسب الأرقام الرسمية، يعاني نحو 14% من الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية المزمن في المكسيك.

وتبلغ هذه النسبة نحو 27% في صفوف السكان الأصليين.

– ثلّاجات مرتفعة السعر –

خبز التورتيّا الذي ابتكرته غوميس غير متوافّر في الأسواق بعد، لكنّه قد يفيد أشخاصا مثل تيريزا سانشيز.

تشوي ربة المنزل البالغة 46 عاما اللحوم باستخدام موقد حطب في منزلها ذي الجدران الخشبية والسقف المعدني.

وعلى غرار معظم جيرانها في بلدة أوكشوك في ولاية تشياباس الجنوبية، لا تملك سانشيز ثلاجة، لذا تستخدم أساليب ورثتها عن أجدادها المنتمين إلى مجموعة تسيلتال الأصلية.

وتقول لوكالة فرانس برس “علّمتني والدتي هذه العادة، وكان أجدادي يعتمدونها”، مضيفة “من أين نحصل على ثلاجة إذا لم يكن لدينا المال؟”.

يمتلك أقل من ثلثي سكان تشياباس، وهي منطقة تعاني من الفقر وتضم عددا كبيرا من السكان الأصليين، ثلاجة، وهو المعدّل الأقل بين ولايات المكسيك البالغ عددها 32.

ارتفع متوسط درجة الحرارة القصوى في ولاية تشياباس من 30,1 إلى 32 درجة مئوية بين عامي 2014 و2024، بحسب التقديرات الرسمية.

ويُعدّ نصف أراضيها عرضة للتغير المناخي.

مع أنّ أوكشوك تقع في منطقة جبلية معتدلة، يُجبر نقص الثلاجات سكانها على استخدام طرق تقليدية لحفظ الأطعمة.

وتقول سانشيز “نفكر في ما سنأكله وعددنا. نسلقه، وإذا بقي منه شيء، نعاود سلقه مرة جديدة”.

تُملَّح أحيانا اللحوم وتُترَك لتجف تحت أشعة الشمس.

أما خبز التورتيّا فيُخزَّن داخل علب مصنوعة من لحاء الشجر.

لهذا السبب، تشتري سانشيز احتياجاتها الضرورية فقط، مع العلم أنّ ميزانيتها محدودة أصلا.

وتضيف “ليس لديّ الكثير من المال لشراء الأغراض”.

– لا  مواد حافظة-

توضح غوميس أنّها وفريقها يستخدمون البريبايوتكس الموجودة بشكل رئيسي في الأطعمة الغنية بالألياف، لإنتاج مركبات مفيدة للصحة.

وتشير إلى عدم الحاجة إلى إضافة مواد حافظة اصطناعية إلى التورتيّا المُبتكرة مختبريا، بفضل المكوّنات المخمرة.

ومن فوائد ذلك أيضا أن هذه الإضافات الاصطناعية قد تكون سامة، بحسب غييرمو أرتيغا، وهو باحث في جامعة سونورا.

ويشير إلى أنّ بروبيونات الكالسيوم من أكثر الإضافات شيوعا في تورتيّا دقيق القمح، وتُعّد ضارة بميكروبات القولون.

على الرغم من أن التورتيّا التي ابتكرتها غوميس مصنوعة من دقيق القمح،  وهو نوع يُستهلك بشكل رئيسي في شمال المكسيك، إلا أنها لا تستبعد استخدام الطريقة نفسها مع تورتيّا الذرة، التي يفضلها الكثير من المكسيكيين ولكنها قد تفسد بسرعة في ظل درجات حرارة مرتفعة.

حصل الباحثون على براءة اختراع للتورتيّا الخاصة بهم عام 2023. وقد وقّعت “ناشونال اوتونومس يونيفرسيتي اوف مكسيكو” عقدا مع شركة لبيع هذا الخبز في الأسواق، لكن الاتفاق تعثّر.

لا تزال غوميس التي فازت بجائزة في كانون الأول/ديسمبر من “ذي مكسيكان إنستيتيوت أوف إنداسترييل بروبريتي”، تأمل في إيجاد شركاء لتوزيع التورتيّا الخاصة بها.

وتعبّر عن ثقتها بأنّ هذه التورتيّا وعلى الرغم من كونها مُبتكرة مخبريا، سيرغب المستهلكون في تناولها.

أأ/رك/غ ر

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية