كمبوديا تتهم تايلاند بشن غارات جوية بعد اجتماع رابطة آسيان
قالت كمبوديا إن تايلاند شنّت غارات جوّية على أراضيها الإثنين، بعيد إعلان بانكوك عن اتفاق الطرفين على عقد مباحثات هذا الأسبوع بهدف وضع حدّ للاشتباكات الحدودية الدامية بينهما.
وبحسب الحصيلة الرسمية الصادرة عن كلّ طرف، سقط 41 قتيلا على الأقل، 22 في تايلاند و19 في كمبوديا، منذ تجدّد القتال في 12 كانون الأول/ديسمبر على خلفية تنازع المملكتين أراضي على امتداد الحدود التي يعود ترسميها للحقبة الاستعمارية الفرنسية.
وأسفرت الاشتباكات عن نزوح أكثر من 900 ألف شخص من جانبي الحدود.
واندلعت موجة سابقة من العنف بين الجانبين في تموز/يوليو، أسفرت عن مقتل 43 شخصا في خمسة أيام.
وأدى تجدّد العنف إلى انهيار الهدنة التي تمّ التوصل إليها بعد الاشتباكات في تموز/يوليو، بوساطة من الولايات المتحدة والصين وماليزيا.
وأعلنت تايلاند الاثنين أن كمبوديا وافقت على عقد مباحثات الأربعاء سعيا للتوصل إلى هدنة. وقال وزير الخارجية التايلاندي سيهاساك فوانغكيتكياو إن كمبوديا وافقت على عقد مباحثات جديدة.
وأوضح للصحافيين في كوالالمبور “ستجرى المباحثات في إطار لجنة الحدود المشتركة القائمة”، مشيرا إلى أن الاجتماع الذي سيعقد في تشانثابوري التايلاندية حدّد “بناء على اقتراح الجانب الكمبودي، في 24 كانون الأول/ديسمبر”.
لكن بعد ساعات على الاجتماع المقام في ماليزيا، قال وزير الدفاع الكمبودي إن الجيش التايلاندي أرسل مقاتلات لشنّ غارات في مقاطعتي سيم رياب وبرياه فيهيار.
وتضمّ سيم رياب مجمّع المعابد الشهير في أنغكور المدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو الذي يستقطب أعدادا كبيرة من السياح. وهو على مسافة ساعة بالسيّارة من منطقة سراي نوي التي تعرّضت أجزاء منها للقصف بحسب بنوم بنه.
وأفاد الجيش التايلاندي من جهته بأن كمبوديا أطلقت عشرات الصواريخ على الأراضي التايلاندية الإثنين. وقد ردّت القوّات الجوية بغارات على هدفيين عسكريين كمبوديين.
وبالرغم من تواصل المعارك، أعربت وزارة الداخلية الكمبودية عن “تفاؤل في أن يظهر الجانب التايلاندي مصداقية” في تطبيق وقف إطلاق النار.
غير أن وزير الخارجية نبّه من أن الاجتماع المقبل قد لا يؤدّي مباشرة إلى هدنة، مصرّحا “موقفنا هو أن وقف إطلاق النار ليس مجرد إعلان، بل يجب أن يقترن بأفعال”.
وأفادت وزارته بأن جيشي البلدين “سيناقشان إجراءات تطبيق وقف إطلاق النار والتحقّق منه والتدابير ذات الصلة بالتفصيل”.
وعقد اجتماع الإثنين بمبادرة من ماليزيا التي تتولّى رئاسة رابطة آسيان والتي استضافت في أواخر تشرين الأول/أكتوبر قمّة تمّ فيها الإعلان عن هدنة برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر، توصّل البلدان إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار برعاية ترامب، غير أن بانكوك علّقته بعد أسابيع إثر انفجار لغم أدى إلى إصابة عدد من جنودها.
والاثنين، قال وزير الخارجية التايلاندي إن هذا الاتفاق كان متسرعا.
وصرّح للصحافيين في العاصمة الماليزية “لقد لاحظت أننا كنا أحيانا في عجلة من أمرنا لإصدار الإعلان لأن الولايات المتحدة أرادت أن يُوقَّع في الوقت المناسب خلال زيارة الرئيس ترامب” إلى كوالالمبور قبل زهاء شهرين.
– “التداعيات الأوسع” –
وحثّ وزير الخارجية الماليزي محمد حسن في كلمة في بداية اجتماع وزراء خارجية رابطة آسيان الطرفين المتنازعين وممثلي الدول الأخرى على “إعطاء هذه المسألة اهتمامنا العاجل”.
وأضاف “يجب أن نأخذ في الاعتبار التداعيات الأوسع” لاستمرار التصعيد على السكان.
وكان رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم أكد الأسبوع الماضي أنّ واجب رابطة دول جنوب شرق آسيا “هو عرض الحقائق، ولكن الأهم من كل ذلك هو الضغط عليهما (تايلاند وكمبوديا) من أجل ضرورة تأمين السلام”.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بشأن تجدد الاشتباكات والهجمات على مدنيين، حيث يؤكد كل طرف الدفاع عن النفس.
وتتنازع تايلاند وكمبوديا السيادة على مناطق تضم معابد تعود إلى إمبراطورية الخمير على امتداد حدودهما البالغ طولها نحو 800 كيلومتر، والتي رُسمت مطلع القرن العشرين خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية.
وفي وقت مبكر الإثنين، أفادت وزارة الدفاع الكمبودية عن استمرار القتال مع إطلاق تايلاند قذائف على أراضيها.
وأوضحت وزارة الداخلية الكمبودية أن القوات التايلاندية “أطلقت قذائف على مناطق مدنية”، ما أدى إلى “تدمير منزل بالكامل وإصابة مواطن صيني”.
وكانت بكين قد أعربت عن أملها الإثنين في أن يتوصّل الطرفين إلى “وقف لإطلاق النار في أقرب وقت ممكن”.
– “موقف ثابت
وقبل اجتماع كوالالمبور، كشفت بنوم بنه أنّ “كمبوديا ستعيد تأكيد موقفها الثابت المتمثل في حل الخلافات والنزاعات عبر جميع الوسائل السلمية والحوار والدبلوماسية”.
من جانبها، جددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية التايلاندية ماراتي ناليتا أندامو تأكيد شروط بانكوك، ومن بينها مطالبة كمبوديا بإعلان هدنة أولا والتعاون في جهود إزالة الألغام على الحدود.
وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أعرب الأسبوع الماضي عن أمل واشنطن في التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار بحلول مطلع هذا الأسبوع.
وفي وقت سابق هذا الشهر، قال ترامب إنّ تايلاند وكمبوديا اتفقتا على وقف القتال. ولكن بانكوك نفت ذلك، واستمرت الاشتباكات بين الطرفين وامتدت إلى كل المحافظات تقريبا على جانبي الحدود.
بورس-مبا/ناش-م ن/ص ك