إسرائيل تهدد بمواصلة ضرب لبنان في حال لم ينزع سلاح حزب الله

توعدت إسرائيل الجمعة بأنها ستواصل شنّ ضربات في لبنان إذا لم تنزع السلطات سلاح حزب الله، غداة سلسلة غارات استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، في هجوم اعتبره المسؤولون اللبنانيون انتهاكا “سافرا” لاتفاق وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية والحزب.
وهذه المرة الرابعة التي تستهدف فيها إسرائيل الضاحية التي تعد معقلا للحزب المدعوم من إيران، منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، بعد نزاع امتد أكثر من عام على خلفية الحرب في غزة.
وعلى رغم الاتفاق، واصلت إسرائيل شنّ ضربات تقول إنها تستهدف عناصر أو مواقع للحزب، مؤكدة أنها لن تسمح له بإعادة بناء قدراته بعد الحرب التي تكبد خلالها خسائر كبيرة.
واستُهدفت الضاحية آخر مرة في 27 نيسان/أبريل.
وسبق الغارات إنذار إسرائيلي للإخلاء، ما تسبب بحركة نزوح كبيرة للسكان في الضاحية الجنوبية وازدحام مروري خانق في شوارعها، بينما قام كثيرون بإطلاق النار في الهواء لتحذير سكان المناطق المحددة بوجوب مغادرتها.
وصباح الجمعة، شاهد مراسل وكالة فرانس برس دمارا كبيرا في مكان وقوع الغارات التي أتت عشية عيد الأضحى، فيما كان يعود بعض السكان الذين فروا مساء الخميس إلى منازلهم.
وقالت امرأة تقيم في جوار أحد المباني المستهدفة إنها فرت سيرا مع اولادها، بينهم طفل في شهره الثالث.
وصرحت لوكالة فرانس برس بعدما عادت صباح الجمعة “الحمد لله أن المبنى لا يزال قائما”.
وأكدت فاطمة (40 عاما) المقيمة في الضاحية الجنوبية انها وافراد عائلتها سيحتفلون بعيد الاضحى جريا على عادتهم، مضيفة “الحياة تستمر”.
وفي إحصاء اولي للاضرار، قال حزب الله في بيان ان تسعة مبان دمرت بالكامل فضلا عن تضرر 71 مبنى.
– “لا هدوء في بيروت” –
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان الجمعة “لن يكون هناك هدوء في بيروت ولا نظام ولا استقرار في لبنان من دون أمن دولة إسرائيل”.
أضاف “يجب احترام الاتفاقات، وإذا لم تفعلوا ما هو مطلوب، سنواصل التحرك، وبقوة كبيرة”.
وتعرضت الضاحية الجنوبية لحوالى عشر غارات، اثنتان منها “عنيفتان” بحسب وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية.
وأكد وزير الصحة اللبناني ركان ناصر الدين إصابة عدد من الأشخاص بجروح “نتيجة الدمار الكبير وتساقط زجاج المباني المستهدفة وتلك المحيطة بها”.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف أهدافا تابعة لـ”الوحدة الجوية” في حزب الله، خصوصا مواقع تحت الأرض لانتاج الطائرات المسيّرة.
وندّد الرئيس اللبناني جوزاف عون الخميس بـ”استباحة سافرة” من قبل إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار، فيما دعا رئيس الوزراء نواف سلام المجتمع الدولي الى “تحمّل مسؤولياته في ردع إسرائيل عن مواصلة اعتداءاتها والعمل على إلزامها بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة”.
من جهته، حضّ النائب عن حزب الله علي عمار “كافة القوى السياسية اللبنانية، بمختلف انتماءاتها (على) ترجمة بيانات الإدانة إلى خطوات عملية وحاسمة” تشمل الضغط دبلوماسيا لوضع حد للهجمات الإسرائيلية.
أما إيران الداعمة لحزب الله، فوصفت الضربات بأنها “عمل عدواني صارخ ضد سلامة أراضي لبنان وسيادته”، بحسب ما جاء على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي.
وقالت قيادة الجيش اللبناني الجمعة إنها “فور إعلان العدو الإسرائيلي عن تهديداته، باشرت التنسيق مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية لمنع وقوع الاعتداء”، مضيفة أنها أرسلت “دوريات إلى عدد من المواقع للكشف عليها بالرغم من رفض العدو للاقتراح”.
وتابع الجيش في بيان أن “إمعان العدو الإسرائيلي في خرق الاتفاقية ورفضه التجاوب مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، ما هو إلا إضعاف لدور اللجنة والجيش، ومن شأنه أن يدفع المؤسسة العسكرية إلى تجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية”.
وقال مسؤول عسكري لبناني لفرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته “حاول الجيش التوجه إلى أحد المواقع المذكورة في الدعوة إلى الإخلاء، لكن الضربات التحذيرية الإسرائيلية منعته من تنفيذ مهمته”.
– “مواقع لتصنيع طائرات بدون طيار” –
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي وجّه مساء الخميس “إنذارا عاجلا” لإخلاء مبانٍ محددة ومحيطها في أحياء الحدث وحارة حريك وبرج البراجنة، قبل أن يعلن في وقت لاحق أن الجيش هاجم أهدافا “تابعة للوحدة الجوية في حزب الله”.
وأوضح أن أهدافه تشمل “مواقع لتصنيع طائرات بدون طيار تحت الأرض تمّ إنشاؤها عمدا بين السكان المدنيين” في الضاحية الجنوبية، مشيرا الى أن الحزب يعمل “على زيادة إنتاج المسيّرات للحرب المقبلة”.
واعتبر ذلك “انتهاكا صارخا للاتفاقات بين إسرائيل ولبنان”.
وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في 27 تشرين الثاني/نوفمبر أكثر من عام من الأعمال العدائية، بما في ذلك شهران من الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله الذي خرج ضعيفا من الحرب خصوصا بعد مقتل العديد من كبار قادته لا سيما أمينه العام السابق حسن نصرالله.
وتواجه السلطات اللبنانية بعد الحرب ضغوطا أميركية متزايدة لنزع سلاح حزب الله. وفي حين أكد مسؤولون أن قرار “حصر السلاح بيد الدولة” متخذ، شددوا على أن ذلك يحتاج الى توافر “الظروف”.
وفتح الحزب “جبهة إسناد” لغزة غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023.
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب مقاتلي حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش اللبناني وقوة يونيفيل انتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل، وسحب الأخيرة قواتها من الأراضي التي توغلت إليها خلال النزاع.
ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب من خمسة مرتفعات لا تزال متمركزة فيها داخل أراضيه.
بور-سير/الح-لين/ب ق