مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انترنت وأطفال وفضيحة

Keystone

بعد الضَّجة التي أثارها كشف وسائل الإعلام السويسرية لمُعلومات سُُربت اليها حول تحقيقٍ واسعِ النطاق ضدَّ 1300 مُتهم باستهلاك صور خليعة للأطفال عبر شبكة الانترنت، وُجهت أصابع الاتهام للشرطة والنظام الفدرالي بسبب بطء الإجراءات.

وتزعم منظمات مُدافعة عن حقوق الطفل أن الشرطة تسترت لمدة سنة عن معلومات هامة…

غداة فضح وسائل الإعلام السويسرية لبعض تفاصيل ومُجريات تحقيقاتٍ واسعة النطاق في كافة ربُوع الكنفدرالية ضد 1300 من هواة المواقع المروجة لظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال على شبكة الانترنت، انطلق الجدل حول الطريقة التي تعاملت بها الشرطة مع هذه القضية وبُطء الإجراءات عموما على المُستوى الفدرالي عند ملاحقة المُتهمين بمُمارسة هذه الظاهرة الشاذة.

تسربت القصة على المُستوى المحلي

لكن قبل الخوض في تفاصيل هذا الجدل، يجب العودة أولا إلى جذوره. الحكاية بدأت على المُستوى الوطني يوم الثلاثاء الماضي 24 سبتمبر عندما كشفت صحيفة الـ”البْليك” (Blick) الشعبية الواسعة الانتشار، أن 1300 شخص يقيمون في مختلف أنحاء البلاد مُتّهمون بهواية مشاهدة و”تنزيل” صورٍ للاستغلال الجنسي للأطفال على شبكة الانترنت وبالتحديد على بوابة شركة “لاندْ سلايد” الأمريكية للإنتاج.

وان كانت صحيفة “البليك” أول وسيلة إعلامية تنشر الخبر على المُستوى الوطني، فان إذاعة (DRS) في كانتون سولوتورن القريب من برن كانت قد كشفت الأسبوع الماضي على، المُستوى المحلي، عن معلومات مفادها أن أربعة موظفين في الكانتون من بينهم قاضي تحقيق، مُشتبهون بزيارة مواقع مروجة لظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال على الشبكة المعلوماتية. لكن الإذاعة لم تتحدث عن التحقيقات التي تقوم بها الشرطة في كافة أنحاء سويسرا بل أثارت محاربة هذه الظاهرة على المستوى الأوربي.

الشرطة تتحدث…

وأمام الضغوط المُتزايدة التي أثارها فضح وسائل الإعلام لهذا الملف، لم يجد المسؤولون في المكتب الفدرالي للشرطة ومكاتب الشرطة في مختلف الكانتونات مفرا من الخروج من الصمت الذي تقتضيه سرية المهنة فأعلنوا يوم الثلاثاء المزيد من التفاصيل والمُفاجآت المُقلقة والمُحيرة. فمن ضمن المُتهمين الألف وثلاث مائة، موظفون سامون وقُضاة تحقيق وأخصائيون في علم نفس الأطفال ومعلمون.

الشرطةُ أعربت بطبيعة الحال عن استيائها من تسريب المعلُومات إلى وسائل الإعلام وهو ما من شأنه عرقلة السير الطبيعي للتحقيقات. وبالفعل، استنتجت فرق التحقيق لدى تفتيشها لمنازل عدد من المُتهمين، غداة فضح التحقيق، أن آثار المواقع المُروجة للصور الخليعة للأطفال اختفت تماما أو جزئيا من تجهيزاتهم المعلوماتية.

“السلطات لا تكترث”؟

أما وسائل الإعلام فبررت نشرها لبعض تفاصيل القضية برغبتها في إدانة بطء الإجراءات والافتقار للإرادة السياسية لمحاربة ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال على الشبكة المعلوماتية.

نفس الموقف عبرت عنه المنظمات المدافعة عن حقوق الطفل التي انتقدت الشرطة لعدم تحركها لملاحقة المُتهمين فور تعرفها على هويتهم. جمعية “المسيرة البيضاء”، التي تناضل من أجل اعتماد تشريعات أكثر صرامة وتخصيص المزيد من الأموال لمحاربة الاستغلال الجنسي للأطفال، ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث قالت إن بطء سير التحقيقات دليل إضافي على أن السلطات السويسرية لا تأخذ هذه القضية مأخذ الجد.

وفي تصريح لـ”سويس انفو”، أعرب ريمُون باروز من جمعية “المسيرة البيضاء” عن ارتياحه لبدء التحقيقات لكنه لم يخف قلقه من كون السلطات السويسرية “حصلت على كافة المعلومات قبل أكثر من سنة ولم تتحرك إلا الآن”. وأضاف السيد بارُوز انه لو كان الأمر يتعلق بأسرار الجيش السويسري أو الإرهاب، لما أبطأت الشرطة في فتح التحقيقات الضرورية.

قبل وبعد 1 أبريل 2002…

لكن المكتب الفدرالي للشرطة رفض كافة هذه الانتقادات مؤكدا أن نفس التحقيقات سارت على نفس الوتيرة في ألمانيا المجاورة. وأوضحت المتحدثة باسم المكتب دانييل برسيي أنه كان يتعين على المكتب الفدرالي للشرطة إجراء تحقيقات أولية لتجميع الأدلة حول المُعطيات التي توصل بها من مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (FBI) والبوليس الدولي “انتربول” قبل إرسال الملفات لمكاتب الشرطة في مختلف الكانتونات.

كما أشارت المتحدثة إلى أن القانون السويسري لم يكن يُعاقب قبل الفاتح من شهر أبريل الماضي حيازة المواد الخليعة جدا، أو تنزيل البرامج المُحتوية على صور الاستغلال الجنسي للأطفال من شبكة الانترنيت. وبالتالي لم تتمكن الشرطة من التحرك إلا بعد ذلك التاريخ لملاحقة هواة تنزيل تلك البرامج على الشبكة العنكبوتية.

ووفقا لقانون الفاتح من أبريل 2002، تظل مشاهدة الصور الخليعة على الانترنيت قانونية في سويسرا، لكنها تتحول إلى جريمة يعاقب عليها بغرامات مالية أو بأحكام سجن أقصاها 12 شهرا عندما يُسجل الزائر هذه المواقع على حاسوبه عن طريق “تنزيلها” أو ما يعرف بـ « Downloding ».

السلطات تنشئ خلية متخصصة

الشرطة دافعت إذن عن نفسها بالمبررات السابقة الذكر، فماذا عن النظام الفدرالي عموما المتهم هو الآخر بإبطاء الإجراءات في مجال محاربة الاستغلال الجنسي للأطفال نظرا لاختلاف القوانين من كانتون لآخر؟

وزيرة العدل والشرطة السويسرية روت ميتزلر تولت يوم الأربعاء 25 سبتمبر مهمة الدفاع عن النظام الفدرالي مؤكدة أنه ستتم إعادة النظر في توزيع المهام على المستوى الفدرالي فور نهاية التحقيقات الجارية. كما ذكرت السيدة ميتزلر أن الفاتح من يناير القادم سيشهد افتتاح خلية متخصصة في محاربة ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال داخل المكتب الفدرالي للشرطة.

وستكون هذه الخلية بمثابة مركز لتنسيق عمليات مكافحة مواقع ترويج ممارسات الاستغلال الجنسي للأطفال بين مختلف الكانتونات. وسيدير مركزَ التنسيق الجديد الكُنفدراليةُ والكانتوناتُ التي ستتحمل ثُلثي نفقات المشروع المُقدرة بـ1,3 مليون فرنك سويسري.

وتكمن المهمة الرئيسية الملقاة على عاتق هذا المركز في تطوير التعاون الوطني والدولي لمكافحة ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال، لكن نشاطات المركز الجديد لا تعني التطاول على صلاحيات الحكومة والكانتونات في مجال التحقيق، حيث ستظل الملاحقات الجنائية من جملة مسؤوليات الكانتونات.

لكن على الرغم من الطموح الذي يبديه الساهرون على إنشاء هذا المركز، يظل المدافعون عن حقوق الطفل ممتعضين من افتقاره للإمكانيات البشرية الكافية حيث يعتقدون أن طاقم ثمانية موظفين فقط لن يكفي لدراسة الكم الهائل من المعلومات التي تروج في شبكة الانترنت ولتحمل المهام الإدارية المناطة بهم.

سويس انفو – إصلاح بخات

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية