
الوسطاء يعملون على “تضييق الفجوات” في مفاوضات الهدنة المتعثرة في غزة

دخلت المفاوضات الهادفة للتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة أسبوعها الثاني من دون تحقيق تقدم، في وقت يسعى فيه الوسطاء إلى تضييق الفجوات بين حماس وإسرائيل التي قال الدفاع المدني إن ضرباتها على القطاع المحاصر خلفت أكثر من 20 قتيلا.
وتواجه المفاوضات غير المباشرة التي تُجرى في الدوحة حالة جمود منذ أواخر الأسبوع المنصرم، مع تبادل الطرفين الاتهامات بعرقلة التوصل لهدنة مدتها 60 يوما يتخللها الإفراج عن رهائن.
وقال مسؤول مطلع على المفاوضات لوكالة فرانس برس الاثنين، إن الوسطاء يبحثون “آليات مبتكرة” من أجل “تضييق الفجوات المتبقية” بين وفدي التفاوض.
وفي الوقت ذاته، اتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاثنين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بتعمّد “إفشال” جهود الوسطاء في ظل عدم رغبته بالتوصل الى “أيّ اتفاق” لوقف اطلاق النار في غزة.
وقالت في بيان إن “نتانياهو يتفنن في إفشال جولات التفاوض، الواحدة تلو الأخرى، ولا يريد التوصّل إلى أيّ اتفاق”.
في غضون ذلك، أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل 22 شخصا على الأقل الاثنين في ضربات إسرائيلية.
أما الجيش الإسرائيلي فقال إن قواته دمرت “مباني وبنى تحتية” تستخدمها حركتا حماس والجهاد الإسلامي في الشجاعية والزيتون في مدينة غزة.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إن مقاتليها استهدفوا “ناقلة جند” في شمال مدينة خان يونس في جنوب القطاع.
وسبق ذلك نشر سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي لمشاهد من استهداف “موقع قيادة وسيطرة” للجيش الإسرائيلي شرق الشجاعية في مدينة غزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق أن ثلاثة عسكريين، تتراوح أعمارهم بين 19 و20 و21 عاما، “سقطوا أثناء القتال في شمال قطاع غزة” وتوفوا في المستشفى الاثنين. كما أصيب جندي آخر من الكتيبة نفسها بجروح بالغة.
– تواصل المفاوضات –
وقال مسؤول فلسطيني مطلع لفرانس برس الاثنين إن “المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل تتواصل بالدوحة، ووفد حماس المفاوض برئاسة خليل الحية يتواجد هناك”.
وأضاف “مساء أمس (الأحد)، عقد لقاء تشاوري بين قيادتي حماس والجهاد الإسلامي… حول تنسيق الرؤى والمواقف بشأن مفاوضات وقف العدوان وتبادل الأسرى وإغاثة وحماية شعبنا”.
وأشار الى أن “الوسطاء المصريين والقطريين مع الجانب الأميركي يواصلون بذل الجهود من أجل تقديم إسرائيل خريطة معدلة للانسحاب تكون مقبولة”.
وكان مصدر فلسطيني مطلع كشف سابقا أن حماس رفضت مقترحات إسرائيلية تشمل “إعادة انتشار وإعادة تموضع الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة وهذا ليس انسحابا”، كما تشدد على “إبقاء قواتها على أكثر من 40 في المئة من مساحة قطاع غزة وهو ما ترفضه حماس”.
في المقابل، اتهم مسؤول إسرائيلي الحركة برفض “تقديم تنازلات” وبشن “حرب نفسية تهدف إلى تقويض المفاوضات”.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعرب عن أمله في التوصل إلى “تسوية” خلال الأسبوع الحالي بشأن الحرب المتواصلة منذ أكثر من 21 شهرا بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال مساء الأحد “نحن نجري محادثات ونأمل أن نصل إلى تسوية خلال الأسبوع المقبل”.
– “ثأر لا يُنسى” –
وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لفرانس برس إن مسعفين نقلوا “12 شهيدا وعشرات المصابين” في استهداف إسرائيلي لمنازل وخيام النازحين في خان يونس.
وأدت إحدى الغارات على خيمة في خان يونس إلى مقتل والديّ طفلٍ وأشقائه الثلاثة. ونجا الطفل لأنه كان خارج الخيمة يجلب الماء، وفقا لما روى عمه لفرانس برس.
وبحسب بصل، نقل القتلى والمصابون إلى مستشفى ناصر في خان يونس.
وأظهرت لقطات مصورة لفرانس برس الطفل يحتضن جثمانا مكفنا موضوعا على أرضية مستشفى ناصر، فيما يحاول بعض من أفراد العائلة التخفيف عنه.
وقال بلال العدلوني “كل قطرة دم هي ثأر لا يُنسى، ثأر لا يموت بالتقادم، ولا يموت بالتهجير، ولا يموت بالموت”.
الى ذلك، أفاد بصل بمقتل 10 فلسطينيين آخرين بينهم امرأة في ثلاث غارات إسرائيلية في مدينة غزة بشمال القطاع. ومن بين هؤلاء خمسة قتلوا في غارة استهدفت مجموعة من السكان في حي الصفطاوي بشمال غرب المدينة.
وعلى الجانب الإسرائيلي من الحدود مع القطاع، شاهد مراسلو فرانس برس أعمدة دخان كثيفة تتصاعد من شمال غزة.
ولم يعلق الجيش بعد على تقارير الدفاع المدني، وأفاد فرانس برس بأنه “يتحقق من الحوادث المذكورة”.
اندلعت الحرب في قطاع غزة مع شن حركة حماس هجوما غير مسبوق في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
ومن بين 251 رهينة خطفهم مقاتلو حماس في هجوم تشرين الأول/أكتوبر، لا يزال 49 محتجزين في غزة، من بينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا حتفهم.
وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت بقصف عنيف وعمليات عسكرية قتل فيها أكثر من 58386 فلسطينيا في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
– الضغط يتصاعد –
وأكد بنيامين نتانياهو بأنه سيكون مستعدا لمحادثات حول وقف إطلاق نار دائم فقط بعد التوصل إلى هدنة، وعندما تلقي حماس السلاح.
ويواجه رئيس الوزراء ضغوطا متزايدة لإنهاء الحرب في ظل تزايد الخسائر البشرية للجيش والاستياء الشعبي من عدم حل ملف الرهائن على وجه الخصوص.
كذلك، يواجه انتقادات لاذعة بشأن مشروع ما يعرف بـ”المدينة الإنسانية”، والقائم على إقامة منطقة مغلقة في جنوب غزة ونقل سكان من القطاع إليها.
ووصفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) المنشأة المقترحة بأنها “معسكر اعتقال”، بينما أعرب وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المملكة المتحدة عن “صدمة” من الطرح.
وتشير تقارير صحافية الى وجود تحفظات كبيرة على هذا المشروع حتى من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن المشروع نوقش في اجتماع أمني عقد في مكتب رئيس الوزراء الأحد عشية مثول نتانياهو أمام القضاء في جلسة جديدة من محاكمته الطويلة بتهم الفساد.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت المشروع بأنه “معسكر اعتقال”.
ونقلت صحيفة الغارديان عن أولمرت قوله في وقت متأخر من مساء الأحد “إذا تم ترحيلهم (الفلسطينيين) إلى المدينة الإنسانية الجديدة، فيمكنك القول إن هذا جزء من (عملية) تطهير عرقي”.
سياسيا، يشارك وزيرا الخارجية الاسرائيلي والفلسطينية في اجتماع بين الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة الواقعة الى جنوبه في بروكسل الاثنين، في أول حضور مشترك في لقاء على هذا المستوى منذ اندلاع الحرب في غزة.
لكن السلطة الفلسطينية نفت أن يكون جدول الأعمال يتضمن لقاء بين الوزيرة الفلسطينية فارسين أغابكيان شاهين، ونظيرها الاسرائيلي جدعون ساعر.
بور-لمى-ها/غ ر-ح س