
وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ في غزة الأحد

يدخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ الأحد الساعة 08,30 بالتوقيت المحلي (06,30 ت غ)، بعد موافقة الدولة العبرية عليه إثر 15 شهرا من حرب مدمرة خلفت عشرات آلاف القتلى في القطاع.
في انتظار الهدنة، استمرت الغارات الإسرائيلية على القطاع، ما أدى إلى مقتل أكثر من 130 شخصا منذ الأربعاء، وفق الدفاع المدني في غزة.
وقُتل السبت خمسة أفراد من عائلة واحدة من النازحين الفلسطينيين في قصف استهدف خيمتهم في المواصي بخان يونس جنوب القطاع، حسب الدفاع المدني. وأظهرت لقطات لوكالة فرانس برس أقارب يبكون قرب جثث، وبينها جثة طفل، في مجمع ناصر الطبي.
ورغم الإعلان عن التهدئة في غزة، أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن، الداعمون للفلسطينيين، مسؤوليتهم عن هجوم صاروخي على إسرائيل صباح السبت، اعترضه الجيش الإسرائيلي الذي عاد وأعلن بعد الظهر اعتراض صاروخ ثان من اليمن على إسرائيل تبنى الحوثيون إطلاقه.
وحذّر الحوثيون الأحد “القوات المعادية في البحر الأحمر” من “مغبة أي عدوان” على اليمن خلال فترة وقف النار في غزة.
وقال الحوثيون في بيان “القوات المسلحة اليمنية تحذر القوات المعادية في البحر الأحمر من مغبة أي عدوان على بلدنا خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة وأنها ستواجه أي عدوان بعمليات عسكرية نوعية ضد تلك القوات بلا سقف أو خطوط حمراء”.
وكتب الناطق باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري عبر منصة اكس “بناءً على التوافق بين أطراف الاتفاق والوسطاء، سيبدأ وقف إطلاق النار في قطاع غزة في تمام الثامنة والنصف من صباح يوم الأحد 19 (كانون الثاني) يناير بالتوقيت المحلي في غزة”.
وفي مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية الجمعة، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن اتفاق الهدنة في غزة هو “نفس الاتفاق الذي عملنا على صياغته وأقرته الأطراف” في كانون الأول/ديسمبر 2023.
كما أسف في تصريحات لقناة “سكاي نيوز” البريطانية لأن “13 شهرا من المفاوضات هُدرت”، مع ما رافق ذلك من خسائر بشرية.
وأقر مجلس الوزراء الإسرائيلي فجر السبت الخطة رغم معارضة وزراء اليمين المتطرف.
وسبق لحماس أن أعلنت موافقتها على شروط الاتفاق والتزمت تنفيذه.
لكن حماس اعتبرت في بيان السبت أن “الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه العدوانية، ولم يفلح إلا في ارتكاب جرائم حرب يندى لها جبين الإنسانية”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو السبت إن بلاده تحتفظ بحق استئناف القتال في غزة بدعم أميركي، متعهّدا إعادة كل الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني إلى ديارهم.
وجاء في خطاب متلفز لرئيس الوزراء “نحتفظ بحق استئناف الحرب إذا لزم الأمر، بدعم أميركي”، وذلك عشية بدء سريان وقف إطلاق النار.
وأضاف “إذا أجبرنا على استئناف الحرب، فسنفعل ذلك بقوة”، لافتا إلى أن إسرائيل “غيّرت وجه الشرق الأوسط” منذ بدء الحرب.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قال في بيان “بعد مراجعة كل الجوانب السياسية والأمنية والإنسانية، وإدراك أن الاتفاق المقترح يدعم تحقيق أهداف الحرب، أوصت (الحكومة الأمنية) مجلس الوزراء بالموافقة” عليه.
ينص الاتفاق في مرحلة أولى تمتد ستة أسابيع، على الإفراج عن 33 رهينة محتجزين في غزة.
في المقابل تُفرج إسرائيل عن 737 معتقلا فلسطينيا، على ما أعلنت وزارة العدل الإسرائيلية السبت موضحة أن عملية الإفراج لن تتم قبل الرابعة بعد ظهر الأحد (الساعة 14,00 ت غ).
من جهتها، أعلنت مصر التي تؤدي دور وساطة في التهدئة بين إسرائيل وحماس، السبت أن إسرائيل ستطلق أكثر من 1890 فلسطينيا معتقلين لديها مقابل الإفراج عن 33 رهينة إسرائيليا في المرحلة الأولى من الهدنة.
واشترط نتانياهو مساء السبت تلقيه لائحة بأسماء الرهائن المزمع الإفراج عنهم الأحد قبل أي عملية تبادل.
وجاء في بيان لنتانياهو “لن نمضي قدما في تنفيذ الاتفاق ما لم نتلقَّ، كما هو متّفق عليه، لائحة بأسماء الرهائن الذين سيُفرج عنهم”.
ومن بين المعتقلين الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم زكريا الزبيدي القيادي السابق بكتائب شهداء الأقصى الجناح المسلح لحركة فتح.
وسيتم التفاوض على إنهاء الحرب بشكل تام خلال المرحلة الأولى.
وأفاد مصدران قريبان من حماس بأنه سيجري في البداية الإفراج عن ثلاث إسرائيليات.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إنّ نقاطا أقيمت عند معابر كرم أبو سالم وإيريز ورعيم حيث سيُعاين أطباء واختصاصيون نفسيون الرهائن المفرج عنهن قبل “نقلهن بمروحية أو بسيارة” إلى مستشفيات في إسرائيل.
وحددت السلطات الإسرائيلية الجمعة أسماء 95 معتقلا فلسطينيا سيُفرج عنهم الأحد غالبيتهم نساء وقاصرون، ومعظمهم اعتقلوا بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، وأشارت إلى أنها اتخذت إجراءات “لمنع أي مظاهر للاحتفال علنا” عند إطلاق سراحهم.
والرهينتان الفرنسيان عوفر كالديرون (54 عاما) وأوهاد ياهالومي (50 عاما) هما ضمن 33 رهينة سيجري الإفراج عنهم في المرحلة الأولى بحسب باريس.
مساء السبت في تل أبيب، أكدت الشرطة الإسرائيلية أن مهاجما طعن شخصا في وسط المدينة وأصابه بجروح خطرة قبل أن يطلق عليه مدني النار ويتمكّن من “تحييده”.
وأعلنت حماس أن منفذ عملية الطعن في تل أبيب من نشطائها، دون أن تتبنى الهجوم.
– “أمل” –
حتى قبل بدء تنفيذ الهدنة، بدأ فلسطينيون شردتهم الحرب يستعدون للعودة إلى مناطقهم التي هُجروا منها.
وقال نصر الغرابلي الذي فر من منزله في مدينة غزة في الشمال إلى الجنوب بحثا عن مأوى “أنتظر حلول صباح الأحد، عندما يعلنون وقف إطلاق النار، سأكون أول واحد داخل غزة”.
وقالت أم خليل بكر ولديها عشرة أبناء “سآخذ خيمتي … وأضعها فوق ركام بيتي، نعرف أن الطقس بارد ولا بطانيات، لكن سنرجع إلى بلدنا ووطننا”.
وقال محمد الخطيب معاون مدير العمليات في “جمعية العون الطبي للفلسطينيين” إن الكثير من العائدين “سيجدون أحياءهم مدمّرة بالكامل” مع غياب تام للخدمات الأساسية.
اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق لحماس داخل إسرائيل، وحوّلت القطاع كتلا هائلة من الركام جرّاء حجم التدمير الذي قالت الأمم المتحدة إنه “لم يسبق له مثيل بالتاريخ الحديث”.
وتسبّب الهجوم بمقتل 1210 أشخاص، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية. وخُطف خلاله 251 شخصا ما زال 94 منهم محتجزين في قطاع غزة، فيما أعلن الجيش مقتل أو وفاة 34 منهم.
وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.
وأكدت الوزارة السبت أن عدد الجرحى الإجمالي بلغ 110642 منذ بدء الحرب.
– ثلاث مراحل –
أبرم الاتفاق الذي أشاع شعورا بالفرح بين سكان غزة الذين يعانون ظروفا شديدة القسوة أوصلتهم إلى حافة الجوع، بعد تسريع المفاوضات التي ظلت متعثرة لأكثر من سنة، مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الاثنين.
وينص الاتفاق في مرحلته الأولى على “وقف إطلاق نار شامل” والإفراج عن 33 رهينة، بينهم نساء وأطفال ومسنون، وانسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في قطاع غزة وزيادة في المساعدات الإنسانية الداخلة إلى القطاع، وفق ما أكد الرئيس الأميركي جو بايدن.
ويفترض أن تتيح المرحلة الثانية الإفراج عن بقية الرهائن، على ما أوضح. أما المرحلة الثالثة والأخيرة، فستُكرس لإعادة بناء غزة وإعادة رفات الرهائن الذين قضوا خلال احتجازهم.
وخلال المرحلة الأولى سيجري التفاوض على ترتيبات المرحلة الثانية لوضع “حد نهائي للحرب”، على ما قال رئيس الوزراء القطري محمّد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وأعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي السبت أنه “تم الاتفاق على نفاذ 600 شاحنة يوميا” إلى داخل غزة، بينها “50 شاحنة للوقود”.
وأمل بأن “تذهب 300 شاحنة إلى شمال قطاع غزة لأن هذه المنطقة منكوبة للغاية والوضع أكثر سوءا وأكثر كارثية عن باقي مناطق القطاع”.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت أن “إسرائيل لن تمنع دخول المساعدات الإنسانية” إلى القطاع، لكنه أقرّ بأن توزيعها سيكون “معقدا”، محذرا من أعمال نهب.
ولا يتطرق اتفاق وقف النار إلى المستقبل السياسي لقطاع غزة الذي سيطرت حماس على السلطة فيه عام 2007.
وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أول تصريح له بعد إعلان الاتفاق أن السلطة الوطنية الفلسطينية مستعدة “لتولي مسؤوليتها كاملة” في القطاع.
بور-كاب-مج/جك-س ح-جص