الفلسطينيون أمام معضلة جديدة في غزة مع تقدم القوات الإسرائيلية
من نضال المغربي وداود أبو الكاس
(رويترز) – ليس أمام الفلسطينيين في حي النصر بمدينة غزة، والذي لم يتعرض لدمار كبير، سوى المفاضلة بين البقاء أو الرحيل يوم الخميس بعد أن ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات تحذر من أن القوات ستسيطر على الحي الواقع في غرب المدينة.
وسبق أن أمرت إسرائيل مئات الآلاف من سكان مدينة غزة بالمغادرة في الوقت الذي تكثف فيه حربها الشاملة على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، ولكن مع الافتقار شبه الكامل للأمان والمأوى والطعام في بقية أنحاء القطاع، يجد الناس أنفسهم أمام خيارات صعبة.
وقال أحمد الداية بينما كان يستعد هو وأسرته للفرار من المدينة على متن شاحنة تجرها دراجة نارية محملة ببعض ممتلكاتهم “لينا تقريبا سنتين لا في راحة ولا في قعدة ولا في نوم حتى”.
وتابع “نقعد مع ولادنا بس قعدة ما بنعرف نقعد . بس حياتنا الحرب… أطلع من المنطقة هذي إلى المنطقة هذي. فمش قادرين تعبنا”.
* بحث عن الطعام ينتهي بالموت
قال مسعفون والسلطات الصحية المحلية إن القوات الإسرائيلية قتلت 34 شخصا في جميع أنحاء القطاع يوم الخميس، بما في ذلك 22 في مدينة غزة و12 في وسط وجنوب القطاع.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن سبعة من هؤلاء قُتلوا جراء استهدافهم أثناء محاولاتهم للحصول على طعام.
وسبق أن انتشرت القوات البرية الإسرائيلية في أجزاء من حي النصر في بداية الحرب في أكتوبر تشرين الأول 2023، وأصابت المنشورات التي ألقيت في وقت متأخر من يوم الأربعاء السكان بالخوف من تقدم الدبابات قريبا لاحتلال الحي بأكمله.
وفي الأسبوع الماضي، انتشرت القوات الإسرائيلية في ثلاثة أحياء في شرق مدينة غزة، وهي الشجاعية والزيتون والتفاح، وأُرسلت الدبابات لفترة وجيزة إلى حي الشيخ رضوان المجاور لحي النصر. وقالت القوات الإسرائيلية يوم الخميس الماضي إنها تسيطر على 40 بالمئة من المدينة.
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء إنه قصف 360 هدفا في غزة، فيما قال إنه تصعيد في الضربات التي تستهدف “بنية تحتية للإرهابيين وكاميرات وغرف عمليات استطلاع ومواقع للقناصة ومواقع إطلاق صواريخ مضادة للدبابات ومجمعات للقيادة والتحكم”.
وأضاف أنه سيكثف في الأيام المقبلة من هجماته بشكل مركز لضرب البنية التحتية لحماس، “وتعطيل جاهزيتها العملياتية، وتقليل التهديد لقواتنا استعدادا للمراحل التالية من العملية”.
وواصلت عائلات مدينة غزة ترك منازلها بالأحياء التي استهدفتها العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية والاتجاه إما غربا نحو وسط المدينة والساحل أو جنوبا باتجاه مناطق أخرى بالقطاع.
لكن البعض كان إما غير راغب في المغادرة أو غير قادر عليها.
وقال أبو هاني، الذي كان يشارك في جنازة صديق له قُتل في غارات يوم الخميس “ماعناش مصاري (لا نملك نقودا)، ماعناش ننزح. ماعناش أي وسائل إننا نجدر نتوجه للجنوب زي ما بيقولو”.
واندلعت الحرب بعد هجوم مباغت قادته حماس انطلاقا من قطاع غزة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، والذي تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص معظمهم من المدنيين واحتجاز 251 رهائن.
* الموت جوعا
وفقا لسلطات الصحة في غزة، أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع عن مقتل أكثر من 64 ألفا معظمهم من المدنيين. وتسببت الحرب في أزمة جوع وكارثة إنسانية أوسع نطاقا ودمرت أغلب مناطق القطاع.
وقالت وزارة الصحة في القطاع يوم الخميس إن سبعة فلسطينيين جدد، بينهم طفل، توفوا بسبب سوء التغذية والجوع في غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، مما يرفع عدد الوفيات الناجمة عن ذلك الأمر إلى 411 وفاة على الأقل، من بينهم 142 طفلا.
وتقول إسرائيل إنها تتخذ خطوات لمنع نقص الغذاء في غزة حيث سمحت بإدخال مئات الشاحنات المحملة بالإمدادات إلى القطاع، لكن الوكالات الدولية تقول إن هناك حاجة إلى إدخال المزيد من الإمدادات.
ويكتنف الغموض وضع المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة والتي تستضيفها قطر وتشارك في الوساطة فيها، وذلك منذ محاولة إسرائيل قتل القادة السياسيين لحركة حماس في غارة جوية على العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء.
ووقعت الغارة الجوية بعد قليل من إعلان حماس مسؤوليتها عن واقعة إطلاق النار التي أسفرت يوم الاثنين عن مقتل ستة أشخاص في محطة للحافلات في ضواحي القدس.
(إعداد مروة سلام وأميرة زهران للنشرة العربية – تحرير محمود رضا مراد)