تضرر مقر الحكومة الأوكرانية في أكبر هجوم جوي روسي منذ اندلاع الحرب
تضرر مقر الحكومة الأوكرانية في كييف الأحد جراء هجوم جوي روسي هو الأضخم على الإطلاق استخدمت فيه أكثر من 800 مسيّرة وصاروخ وأوقع ما لا يقل عن خمسة قتلى بينهم اثنان في العاصمة.
وبعد ساعات، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يبذل جهودا للتوصل إلى اتفاق سلام يضع حدا للحرب التي بدأت بالغزو الروسي مطلع العام 2022، عن استعداده لفرض مزيد من العقوبات على موسكو.
وقال “أنا لست سعيدا. أنا لست سعيدا بالوضع برمته”. وأضاف “أنا لست سعيدا بما يحدث هناك”.
وشدّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من جهته عبر شبكات للتواصل الاجتماعي على أن كييف تعوّل على “ردّ قوي من الولايات المتحدة”.
وكان زيلينسكي قال في وقت سابق “يعد هذا النوع من عمليات القتل في وقت كان من الممكن للدبلوماسية الحقيقية أن تبدأ قبل مدة طويلة، جريمة متعمدة ومحاولة لإطالة أمد الحرب”.
تكثّف روسيا هجماتها في أوكرانيا منذ لقاء جمع بين رئيسها فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي في ألاسكا في 15 آب/أغسطس، في قمة لم تحقق أي اختراق على صعيد وقف إطلاق النار.
عقب هجوم الأحد، شاهد مراسل فرانس برس النيران مندلعة على سطح المبنى الضخم الذي يضم مقر الحكومة والدخان يتصاعد منه.
وحلّقت المروحيات فوق المبنى الواقع في قلب كييف قرب مقري الرئاسة والبرلمان، ملقية مياها على سطحه فيما هرعت أجهزة الطوارئ إلى الموقع وضربت الشرطة طوقا أمنيا حوله.
وقالت رئيسة الوزراء يوليا سفيريدنكو عبر تلغرام “لأول مرة تضرر سطح مقر الحكومة وطوابقه العلوية جراء هجوم للعدو”، مشيرة الى أن الهجوم لم يسفر عن سقوط ضحايا داخل المبنى.
بعد الظهر، قال المتحدث باسم أجهزة الإغاثة بافلو بيتروف للتلفزيون “تم إخماد الحريق، لكن فرق الإنقاذ تعمل على تفكيك الهياكل ورشها بالماء لإعادة إصلاح المبنى والتثبت من أن كل شيء جيد”.
وبقي مجمع المباني الحكومية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022 في منأى نسبيا من الضربات الروسية التي تستهدف العاصمة بانتظام.
وأعلن سلاح الجو الأوكراني أن روسيا أطلقت خلال الليل 810 مسيّرات و13 صاروخا على أوكرانيا، مؤكدا اعتراض 747 مسيّرة وأربعة صواريخ منها.
كما طال الهجوم مناطق أخرى، متسببا بسقوط خمسة قتلى بالإجمال، اثنان منهم في كييف، وأكثر من عشرين جريحا. كما قتل شخصان آخران على الأقل في هجمات منفصلة، وفق السلطات الأوكرانية.
– “رد مناسب” –
في كييف، ألحقت الضربات أضرارا بمبان سكنية وأفاد رئيس بلدية العاصمة فيتالي كليتشكو عن مقتل شخصين هما امرأة شابة وطفلها البالغ شهرين.
من جهتها، أعلنت روسيا أنها “ضربت مواقع لمجمع الصناعات العسكرية الأوكرانية وبنى تحتية مرتبطة بالنقل”.
وذكر الجيش الروسي أن الهجمات استهدفت مواقع لإنتاج طائرات مسيّرة ومطارات عسكرية في شرق وجنوب أوكرانيا ووسطها، بالإضافة إلى منشأتين صناعيتين على مشارف كييف.
وأضاف أنه “لم يتم ضرب أي أهداف أخرى داخل حدود كييف”، ما يشير إلى احتمال تضرر المبنى الحكومي بسبب الحطام المتساقط وليس بضربة مباشرة.
وقالت رئيسة الوزراء الأوكرانية “على العالم أن يرد على هذا التدمير ليس بالكلام فقط، بل بالأفعال. علينا تشديد ضغط العقوبات، وبصورة أساسية ضد النفط والغاز الروسيين”، مطالبة كذلك بـ”أسلحة”.
من جهته، رأى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “روسيا تنغمس بشكل متزايد في منطق الحرب والترهيب” منددا بالضربات “العشوائية”.
وقال زيلينسكي إثر مكالمة مع ماكرون “قمنا بتنسيق جهودنا الدبلوماسية وخطواتنا التالية واتصالاتنا مع شركائنا لتأمين رد مناسب”.
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن بوتين “لا يأخذ السلام على محمل الجد”، فيما أسفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين لأن “الكرملين يستخف بالدبلوماسية”.
وردا على سؤال عمّا إذا كان مستعدا لفرض عقوبات جديدة على روسيا، قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض “نعم، أنا مستعد”، من دون إضافة المزيد من التفاصيل.
وصباح الأحد، أكد وزير الخزانة الأميركية سكوت بيسنت أنّ الولايات المتحدة “مستعدّة لممارسة المزيد من الضغوط” على روسيا، داعيا الأوروبيين إلى القيام بالمثل.
واعتبر بيسنت أنه “إذا فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مزيدا من العقوبات والتعرفات الجمركية الثانوية على الدول التي تشتري النفط الروسي، فسينهار الاقتصاد الروسي تماما. وهذا سيدفع الرئيس (فلاديمير) بوتين إلى طاولة المفاوضات”.
شنّت روسيا في نهاية آب/أغسطس هجوما ضخما بالمسيّرات والصواريخ على كييف أوقع أكثر من 25 قتيلا وألحق أضرارا بمكاتب بعثة الاتحاد الأوروبي والمجلس الثقافي البريطاني.
في المقابل، أعلنت أوكرانيا أنها نفذت ضربة على مصنع في منطقة بريانسك الروسية الحدودية ومصفاة للنفط في كراسنودار بجنوب روسيا.
وضاعفت كييف في الأشهر الأخيرة الهجمات على مواقع للطاقة في روسيا ساعية لاستهداف موارد موسكو. وتوقع هذه الضربات بانتظام ضحايا مدنيين.
على الجبهة، واصل الجيش الروسي تقدمه الأحد معلنا السيطرة على بلدة جديدة في منطقة دنيبروبتروفسك (وسط). وتحتل روسيا حاليا 20% من أراضي أوكرانيا.
– المفاوضات متعثرة –
تأتي الضربات الأخيرة بعدما تعهّدت نحو عشرين دولة أوروبية في مقدمها فرنسا وبريطانيا الخميس تولي مراقبة تنفيذ أي اتفاق لإنهاء الحرب. وأعرب بعضها عن استعداده لنشر قوات على الأرض.
وتشدد كييف على أن الضمانات الأمنية بدعم قوات غربية، ضرورية من أجل أي اتفاق سلام بحيث لا تعاود روسيا شن أي غزو جديد في المستقبل.
لكن الرئيس الروسي رفض وجود أي قوات غربية في أوكرانيا واعتبر أنها ستكون هدفا “مشروعا” لجيشه.
وقتل عشرات آلاف الأشخاص خلال الحرب المتواصلة منذ ثلاث سنوات ونصف سنة والتي أجبرت الملايين على النزوح ودمّرت غالبية مناطق شرق أوكرانيا وجنوبها، في نزاع هو الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
كاد/لين-دص-ح س-ود/كام