
مجموعة توثق الانتهاكات تتهم الجيش السوداني بقصف دامٍ في دارفور

اتهمت مجموعة “محامو الطوارئ” التي توثق الانتهاكات في الحرب السودانية، الثلاثاء، الجيش بتنفيذ قصف دام على شمال إقليم دارفور، في ضربة قد تكون من الأكثر حصدا للضحايا منذ بدء النزاع قبل سنتين.
ونددت الأمم المتحدة الثلاثاء “بالهجمات المستمرة ضد المدنيين” في السودان وقال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك “نحن قلقون للغاية من الهجمات المستمرة ضد المدنيين في كل أنحاء البلاد. الليلة الماضية في دارفور، خلّفت غارات جوية على أحد الأسواق عشرات الضحايا”.
كما أعرب عن قلقه إزاء “تصاعد للهجمات” ضد مناطق مكتظة في العاصمة الخرطوم.
ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقّق من عدد القتلى بشكل مستقل.
ورفض الجيش السوداني الذي يخوض نزاعا مدمّرا منذ سنتين مع قوات الدعم السريع، ما سماه “ادعاءات غير صحيحة”، نافيا استهداف المدنيين.
وقالت مجموعة المحامين المتطوعين المؤيدة للديموقراطية في بيان إن القصف استهدف “سوق الإثنين” في مدينة طرّة في شمال إقليم دارفور في غرب السودان (40 كيلومترا شمال الفاشر) الذي يقصده السكان بكثافة يوم الإثنين من كل أسبوع. وتسيطر قوات الدعم السريع على المنطقة.
وأضافت أن القصف أدى إلى “مقتل المئات من المدنيين وإصابة العشرات بجروح خطيرة”.
وذكر سودانيان شاركا في عمليات الدفن لوكالة فرانس برس أنهم أحصوا “270 جثة تم دفنها و380 جريحا”.
وكان متحدث باسم “محامو الطوارئ” قال لوكالة فرانس برس إن المجموعة لم تتمكن بعد من تأكيد عدد محدّد للقتلى “بسبب العدد الكبير من الجثث المتفحمة التي يجري حصرها”.
وأوضح الشاهدان اللذان طلبا عدم ذكر اسميهما، أن الصعوبات الأمنية حالت دون نقل المصابين إلى مدينة مليط القريبة، بينما الإمكانات الطبية لدى المركز الصحي المحلي الوحيد في طرة “بسيطة” وغير قادرة على التعامل مع العدد الكبير من الجرحى.
وقالت قوات الدعم السريع في بيان الثلاثاء، إن الجيش “ارتكب مذبحة” أدت إلى “مقتل أكثر من 400 وجرح المئات”.
-الجيش ينفي –
ونفى الجيش السوداني استهداف المدنيين.
ووصف المتحدث باسم الجيش نبيل عبد الله، في رسالة مكتوبة لوكالة فرانس برس عبر تطبيق “واتساب”، “الادعاءات” بأنها “غير صحيحة”. وقال “نحن نراعي في الضربات الجوية قواعد الاستهداف طبقا للقانون الدولي ولا يمكن أن نستهدف إطلاقا المدنيين الأبرياء”.
واتهم عبد الله قوات الدعم السريع باستهداف المدنيين “بشكل ممنهج ومستمر.. بالمدفعية أو المُسيرات”.
وكان بيان محامي الطوارئ وصف قصف مدينة طرة بأنه “يشكّل انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي الإنساني ويعدّ جريمة حرب ممنهجة”.
واعتبرت تنسيقية النازحين واللاجئين بدارفور أن السوق قُصف “عمدا من الطيران العسكري السوداني، ما أسفر عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى”. ووصفت العملية بأنها “جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية”.
وأضافت التنسيقية في بيانها “من المؤسف للغاية أن يبرّر البعض قتل الأبرياء بحجة وجود أحد أطراف النزاع في مناطقهم”.
وتظهر صور تمّ تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي آثار دمار ناتج عن القصف، وفق ناشريها، مع جثث متفحمة وأرض محروقة، بينما يتصاعد الدخان من أكوام الحطام.
ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من الصور التي قيل إنها التقطت في سوق الإثنين.
وخلال عامين من الحرب، قتل عشرات الآلاف ونزح أكثر من 12 مليون شخص بسبب الحرب في السودان، ما تسبّب في أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.
وبسبب الانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية السودانية، هناك صعوبة كبيرة في تأكيد أرقام القتلى والجرحى.
في أيار/مايو الماضي، قال المبعوث الأميركي السابق للسودان توم بيريلو، إن عدد القتلى قد يكون وصل إلى 150 ألفا.
وفي كانون الأول/ديسمبر، قال محامو الطوارئ إن قصفا للجيش على سوق في شمال دارفور قتل أكثر من مئة شخص، وأكدت الأمم المتحدة “مقتل 80 على الأقل”.
في وسط السودان، أوقع هجوم لقوات الدعم السريع استمر ثلاثة أيام على قرى مدنية، مئات القتلى. وقال الجيش السوداني إن عدد القتلى وصل إلى 433، بينما أكد بيان لمحامي الطوارئ وقوع أكثر من مئتي قتيل.
وأُعلنت المجاعة في ثلاثة من مخيمات اللجوء في دارفور، بينما تتوقع الأمم المتحدة امتدادها إلى خمس مناطق أخرى.
– معركة دارفور –
ويشهد إقليم دارفور -الذي يوازي مساحة فرنسا- منذ بداية الحرب، انتهاكات جسيمة ضد المدنيين. واستخدمت في النزاع البراميل المتفجرة التي تلقى من الجو على أحياء سكنية، بينما تشهد مخيمات لاجئين تعاني من المجاعة هجمات وتطهيرا عرقيا، وفق تقارير لمدافعين عن حقوق الإنسان.
ويحتفظ الجيش السوداني بالتفوّق الجوي في سماء دارفور لامتلاكه طائرات حربية، بينما تستخدم قوات الدعم السريع المُسيرات.
وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم المدن الرئيسية في إقليم دارفور ذي المساحة الشاسعة، باستثناء مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني.
وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ عشرة أشهر وتشن هجمات متكررة على مخيمات النزوح المجاورة لها.
ويتوقع محللون تحدثوا لفرانس برس أن تكثف قوات الدعم السريع محاولات السيطرة على كامل إقليم دارفور بعد هزيمتها في العاصمة الخرطوم.
وأعلن الجيش السوداني الجمعة سيطرته على القصر الجمهوري بوسط العاصمة، بعد أن كان تحت سيطرة الدعم السريع منذ بداية الحرب.
واستعاد الجيش السوداني كذلك منشآت حيوية أخرى منها المصرف المركزي ومبنى المخابرات الوطنية والمتحف القومي.
ومنذ بداية الحرب، يُتهم الطرفان باستهداف المدنيين من خلال قصف عشوائي على الأحياء المدنية.
عب-بها/لم-الح/ود