مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الانفصاليون يعلنون “إدارة ذاتية” في جنوب اليمن والحكومة تحذر من “تبعات كارثية”

مقاتلون تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي ينتشرون في شوارع مدينة عدن جنوب اليمن في 26 من نيسان/ابريل 2020 afp_tickers

أعلن الانفصاليون اليمنيون ليل السبت الأحد “إدارة ذاتية” في الجنوب بعد تعثر اتفاق لتقاسم السلطة تم توقيعه مع الحكومة اليمنية المعترف به دوليا برعاية السعودية، بينما حملت الحكومة اليمنية الانفصاليين “التبعات الخطيرة والكارثية” لهذا الإعلان.

وأعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان “الإدارة الذاتية للجنوب اعتبارا من منتصف ليل السبت” الأحد، متهما الحكومة اليمنية بالفشل في تأدية واجباتها.

واتهم المجلس الانتقالي الحكومة اليمنية “باستمرار الصلف والتعنت في القيام بواجباتها” بالإضافة إلى ” تلكؤها وتهربها من تنفيذ ما يتعلق بها من اتفاق الرياض”.

ورعت السعودية اتّفاقا لتقاسم السلطة بين الطرفين وقّعته الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، السلطة السياسية الأقوى في جنوب اليمن، أبرم في الرياض في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ونصّ الاتفاق على تولي القوة الانفصالية الرئيسية عددا من الوزارات في الحكومة اليمنية.

ولم يصدر أي تعليق من التحالف بقيادة السعودية حتى الآن.

وشهد جنوب اليمن في آب/أغسطس معارك بين قوّات مؤيّدة للانفصال وأخرى موالية للسلطة المعترف بها دوليا أسفرت عن سيطرة الانفصاليين على مناطق عدّة أهمها عدن العاصمة الموقتة للسلطة منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014.

وقال سكان في مدينة عدن لوكالة فرانس برس إن المدينة شهدت “انتشارا مكثفا” لقوات أمنية وعسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وأقيمت نقاط تفتيش.

وأعلن مصدر في المجلس الانتقالي الجنوبي “وضع حراسات أمنية على كافة المرافق الحكومية منها البنك المركزي اليمني وميناء عدن”.

وانتشرت عربات عسكرية ترفع أعلاما انفصالية عند مداخل المدينة وايضا في الشوارع الرئيسية، بحسب المصدر نفسه.

في الأثناء، أعلنت محافظات في جنوب اليمن وهي حضرموت وشبوة والمهرة رفضها لإعلان المجلس الانتقالي، مؤكدة وقوفها مع الحكومة المعترف بها دوليا.

من جانبه، أعلن وزير خارجية الحكومة اليمنية محمد الحضرمي في تغريدة على حساب وزارته أن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي يشكل “استمرارا للتمرد المسلح في آب/اغسطس الماضي وإعلان رفض وانسحاب تام من اتفاق الرياض”، مؤكدا أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتحمل “التبعات الخطيرة والكارثية لهكذا إعلان”.

– حرب داخل حرب-

سجّل اليمن الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانيّة في العالم، في 10 من نيسان/ابريل الماضي أوّل إصابة بفيروس كورونا المستجد، بينما حذّرت منظمات دولية من أن القطاع الصحي شبه المنهار في البلاد منذ اندلاع الحرب عام 2014 غير مؤهل للتعامل مع الوباء، وطالبت بوقف الحرب.

وتم تسجيل الإصابة في محافظة حضرموت الجنوبية.

وتدور الحرب في اليمن بشكل رئيسي بين المتمردين الحوثيين المقرّبين من إيران، وقوات موالية للحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية والإمارات، منذ أن سيطر الحوثيون على مناطق واسعة قبل أكثر من أربع سنوات.

لكن ثمة خلافات عميقة في المعسكر المعادي للحوثيين. فالقوات التي يفترض أنّها موالية للحكومة في الجنوب حيث تتمركز السلطة، تضم فصائل مؤيدة للانفصال عن الشمال. وكان الجنوب دولة مستقلة قبل الوحدة سنة 1990.

وأظهر القتال في عدن الذي وصف بأنه “حرب أهلية داخل حرب أهلية” انقسامات عميقة في معسكر التحالف بقيادة السعودية التي تدعم الحكومة وبين شريكتها الرئيسية الإمارات التي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي.

ويتهم الانفصاليون الحكومة اليمنية برئاسة عبدربه منصور هادي بالسماح بتنامي نفوذ الإسلاميين وتأثيرهم على قراراتها السياسية والعسكرية، وخصوصا من قبل حزب “التجمع اليمني للاصلاح” المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.

ويأتي الإعلان في عدن الأحد بينما شهد اليمن هذا الشهر سيولا تسببت بمقتل 21 شخصا على الأقل هذا الشهر، ما أدى إلى إغراق شوارع عدن وتدمير منازل فيها.

واشار المجلس الانتقالي الجنوبي في بيانه الأحد إلى تردي الخدمات العامة في عدن، “الذي أظهرته بشكل جلي كارثة السيول الأخيرة ما تسبب في معاناة شديدة لأهلنا في العاصمة الجنوبية عدن”، متهما الحكومة اليمنية باستخدام ذلك ” كسلاح لتركيع الجنوبيين”.

ورأى الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية حسام ردمان أن المجلس الانتقالي الجنوبي كان مسؤولا فعليا عن الجانبين العسكري والأمني في عدن، مشيرا أن “هذا الاعلان سيجعله مسؤولا عن الجانب الاداريي والسلطوي في العاصمة المؤقتة والتي شهدت ترديا غير مسبوق في الآونة الاخيرة على المستوى الاقتصادي والخدماتي”.

وقال لوكالة فرانس برس “بحسب نص بيان (المجلس) الانتقالي وتصريحات قياداته، فإن هذه الخطوة لا تمثل نسفا لاتفاق الرياض بل محاولة جريئة لتحريكه ودفعه الى الامام والضغط على (الحكومة) الشرعية و السعودية”.

وأضاف “في المحصلة، من يحدد طبيعة هذه الخطوة هو الجانب السعودي الذي يبدو حتى الآن أنه لا يريد للاتفاق ان ينهار مهما كانت الظروف” مشيرا أن السعودية ستحاول “احتواء” هذه الخطوة.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية