مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تصويت محتمل الخميس في مجلس الامن على هدنة في سوريا

عمود من الدخان يتصاعد من بلدة حمورية في الغوطة الشرقية بعد غارات للنظام السوري في 20 شباط/فبراير 2018 afp_tickers

يعقد مجلس الامن الخميس جلسة يصوت خلالها على الارجح على مشروع قرار يطالب بوقف لاطلاق النار في سوريا لـ30 يوما، لافساح المجال امام وصول المساعدات الانسانية واجلاء المرضى والمصابين.

يأتي ذلك في وقت دعت الامم المتحدة الاربعاء الى وقف فوري للقتال في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق والتي وصف الامين العام للمنظمة الدولية انطونيو غوتيريش الوضع فيها بانه “جحيم على الارض”.

وافادت البعثة السويدية في الامم المتحدة ان ستوكهولم والكويت اللتين أعدتا مشروع القرار طالبتا بأن يتم التصويت “بأسرع ما يمكن”، مضيفة انه سيجري الخميس على الارجح.

لكن لا يُعرف ما اذا كانت روسيا ستلجأ الى حقها في النقض لاعتراض مشروع القرار. وأمل دبلوماسيون في ان تكتفي موسكو بالامتناع عن التصويت.

وجددت قوات النظام السوري الأربعاء غاراتها وقصفها بالبراميل المتفجرة والصواريخ لمدن وبلدات في الغوطة الشرقية.

وارتفعت حصيلة القصف على الغوطة الشرقية الاربعاء إلى 50 قتيلا مدنيا بينهم 8 اطفال، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن إلى العثور على ثمانية مدنيين بينهم 4 اطفال جميعهم من عائلة واحدة تحت الأنقاض في بلدة حزة.

وبلغت حصيلة القتلى منذ الأحد أكثر من 320 مدنيا بينهم 76 طفلا وفق المرصد.

وطالبت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الأربعاء بالسماح لها بدخول الغوطة الشرقية للمساعدة في علاج مئات الجرحى مع تعرض مستشفيات للقصف في اليوم الرابع من التصعيد العنيف لقوات النظام ضد المعقل الأخير للفصائل المعارضة قرب العاصمة.

ويفاقم التصعيد العسكري معاناة المدنيين والكوادر الطبية التي تعمل بامكانات محدودة نتيجة حصار محكم منذ 2013 ويتوافد إليها حالياً مئات الجرحى يومياً. ولم تسلم المستشفيات من القصف ما أدى إلى خروج بعضها عن الخدمة.

وقالت رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا ماريان غاسر “يبدو أن القتال سيتسبب بمزيد من المعاناة في الأيام والأسابيع المقبلة، ويجب أن يُسمح لفرقنا بدخول الغوطة الشرقية لمساعدة الجرحى”.

وأضافت “الضحايا من الجرحى يلقون حتفهم فقط بسبب عدم تلقيهم العلاج في الوقت المناسب”.

ولفتت اللجنة الدولية إلى أن الطواقم الطبية في الغوطة تقف “عاجزة عن التعامل مع العدد الكبير للإصابات. ولا يوجد بالمنطقة ما يكفي من الأدوية والإمدادات، لا سيما بعد ورود أنباء عن إصابة المرافق الطبية”.

وقال غوتيريش أمام مجلس الأمن الاربعاء “اوجه نداء الى كل الاطراف المعنيين من اجل تعليق فوري لكل الاعمال الحربية في الغوطة الشرقية لافساح المجال امام وصول المساعدة الانسانية الى جميع من يحتاجون اليها”.

واعتبر أن القصف العنيف للغوطة حوّلها “جحيما على الأرض”.

وطالب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بـ”هدنة في الغوطة الشرقية بهدف التأكد من اجلاء المدنيين، واقامة كل الممرات الانسانية التي لا بد منها، في اسرع وقت”.

وأجرى وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الاربعاء محادثات مع غوتيريش طالبه خلالها بـ”وقف فوري للاعمال العدائية” وبـ”تبني قرار لمجلس الامن” يتيح اعلان “هدنة انسانية لمدة 30 يوما” وانشاء “آلية مراقبة متينة” و”استئناف العملية السياسية في اطار الامم المتحدة”.

ودعت روسيا، التي طالما عطلت قرارات تدين النظام السوري، الى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن.

وقال السفير الروسي لدى الامم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الاربعاء ان هذا الاجتماع سيتيح لجميع الاطراف “عرض رؤيتهم و(كيفية) فهمهم للوضع واقتراح وسائل للخروج من الوضع الراهن”.

– “المدنيون فقط” –

وفي مستشفى دار الشفاء في مدينة حمورية، الذي طاوله القصف، قال الطبيب أحمد عبد الغني لفرانس برس إن “النظام يدّعي انه يستهدف الجماعات المسلحة والارهابيين، والحقيقة أنه لا يستهدف سوى المدنيين”.

وتساءل “نحن مستشفى نقوم بمعالجة المرضى المدنيين، لماذا يستهدفنا؟”.

وأضاف عبد الغني، الذي يعمل أيضاً في مستشفى في عربين جرى استهدافه، “نحن لسنا مستشفيات عسكرية، ولا نتبع لاحد، نحن مدنيون فقط”.

وفي المستشفى، انهار جدار داخل احدى الغرف، وطالت الأضرار أقسام العيادات والعمليات والحواضن ورعاية الاطفال.

في طابق تحت الارض، شاهد مراسل فرانس برس بقعاً من الدماء تغطي الأرضية وبعض المقاعد فيما تجمع المرضى والمصابون خشية من القصف. كما أشار إلى وجود جثث عدة مجهولة الهوية.

واستهدف القصف الاربعاء أيضاً مستشفى مدينة سقبا. وقال الطبيب بكر أبو ابراهيم لفرانس برس “تعرض المشفى للقصف اليوم للمرة الثانية، وبات خارج الخدمة نهائياً”، مشيراً إلى أنهم يحاولون إجلاء عشرات الجرحى ونقلهم إلى مستشفيات آخرى.

وأضاف “لم نستطع الخروج حتى الآن من شدة القصف. ليساعدنا الله، لقد ظُلمنا كثيراً”.

وحمل “جيش الاسلام”، ابرز فصائل الغوطة الشرقية، روسيا مسؤولية التصعيد الأخير.

وقال في بيان مساء الاربعاء “نحمل روسيا المسؤولية المباشرة عن سفك دماء الأبرياء في الغوطة الشرقية الى جانب ايران”، مؤكدا مشاركة الطيران الروسي في الحملة العسكرية.

واضاف “نطالب الدول التي ترعى حقوق الانسان بالتحرك الفوري لايقاف هذه الحملة (…) والوقوف في وجه سياسة روسيا الاجرامية”.

ونفت موسكو الاربعاء ضلوعها في القصف بعدما كان المرصد السوري قال إن طائرات روسية استهدفت الثلاثاء مستشفى في عربين.

ويعتري الخوف أيضاً سكان دمشق خصوصاً في الاحياء القريبة من الغوطة الشرقية جراء القذائف العشوائية التي تطلقها الفصائل المعارضة، وتسببت الأربعاء باصابة 18 مدنياً بجروح، وفق حصيلة أوردتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وقالت غاسر “يعيش الناس في دمشق في ذعر دائم من سقوط أطفالهم ضحايا لقذائف الهاون”.

ويثير التصعيد خشية الأمم المتحدة على مصير نحو 400 الف شخص محاصرين بالغوطة الشرقية.

على جبهة أخرى في شمال سوريا، دخلت دفعة ثانية من القوات الموالية للنظام الأربعاء إلى منطقة عفرين لدعم الأكراد في التصدي للهجوم التركي المستمر ضد المنطقة منذ أكثر من شهر، وفق ما أفاد المرصد والإعلام الرسمي.

ودخلت الثلاثاء دفعة أولى من هذه القوات، ووصفها الاعلام السوري الرسمي بـ”القوات الشعبية”، فيما تحدثت الوحدات الكردية عن “وحدات عسكرية” للحكومة السورية ستنتشر في المنطقة الحدودية مع تركيا.

وحذر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين من أن “كل دعم لوحدات حماية الشعب الكردية يضع من يقدمه في المصاف نفسه لهذه المنظمة الإرهابية ويجعله هدفاً مشروعاً لنا”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية