مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“ليلة رعب” في صنعاء: 14 قتيلا بينهم خمسة اطفال من أسرة واحدة في ضربة جوية

يمنيون يقفون فوق انقاض منزل دمرته غارة جوية في حي فج عطان بجنوب صنعاء في 25 آب/اغسطس 2017 afp_tickers

عاشت صنعاء “ليلة رعب” قتل فيها 14 شخصا بينهم خمسة اطفال من أسرة واحدة بعدما استهدفت غارة جوية نسبت الى التحالف العسكري العربي بقيادة المملكة السعودية حيا سكنيا جنوب العاصمة.

وقعت الغارة قبل ساعات قليلة من اتهام الامم المتحدة للتحالف العربي بالتسبب بمقتل 42 مدنيا يمنيا خلال أسبوع من الضربات الجوية.

في حي فج عطان الواقع عند الاطراف الجنوبية للمدينة الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين، دمرت الغارة منزلين تسكنهما ست عائلات على الاقل، بحسب ما أفاد شهود ومصور وكالة فرانس برس.

وقال محمد احمد الذي يسكن احد المبنيين “أخرجناهم من تحت الانقاض الواحد تلو الاخر، بعضهم اطفال من اسرة واحدة”.

واكد مسعفون يمنيون في الموقع لفرانس برس ان 14 شخصا على الاقل لقوا حتفهم في الضربة التي وقعت نحو الساعة 03,15 (00,15 ت غ)، بينهم ستة اطفال وامراتان.

ومساء، أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حصيلة القتلى، مشيرة الى إصابة 16 شخصا آخر. واوضحت في بيان ان ثمانية من القتلى هم من اسرة واحدة، بينهم خمسة اطفال تتراوح اعمارهم بين ثلاث وعشر سنوات.

وافاد مصور وكالة فرانس برس ان المبنيين المؤلف كل منهما من ثلاثة طوابق، دمرا بالكامل. واظهرت صور التقطها المصور انقاضا في موقع الضربة. كما ذكرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان الدمار في الموقع “صعب عملية سحب الجثث”.

– دماء ودمار –

بعد ساعات على وقوع الغارة، كانت الجرافات لا تزال تعمل على ازالة الانقاض بينما قام مسعفون وسكان في الابنية المجاورة بالبحث عن مفقودين. وجلس ناجون من المبنيين فوق انقاض يتابعون بحسرة عمليات البحث ونقل المصابين في سيارات الاسعاف.

وبين الالبسة المتقطعة والمحترقة، والمفروشات الخشبية المتضررة، سار رجل مرتديا ثوبا ابيض تغطيه الدماء وهو يشرح لسكان الابنية الاخرى كيف نجا من الضربة.

على بعد أمتار قليلة منه، جلس محمد احمد بعدما انهكته عمليات البحث ونقل القتلى والمصابين.

وقال احمد لفرانس برس “عندما ضرب الصاروخ، دمر أحد المبنيين فورا فأدى ذلك الى تدمير المبنى المجاور له ايضا. بعض السكان نجوا، واخرون علقوا تحت الانقاض، بينهم من استشهد، وبينهم من أصيب”.

اتهم المتمردون الحوثيون عبر قناة “المسيرة” الناطقة باسمهم التحالف العربي بشن الغارة، الا ان متحدثا باسم التحالف قال لوكالة فرانس برس ان قيادة العمليات العسكرية تقوم حاليا بالتحقيق في المسالة وستعلن عن النتائج في وقت لاحق.

رغم ذلك، أطلقت منظمة العفو الدولية نداء الى الامم المتحدة للتحرك لمحاسبة السعودية جراء “تجاوزات قواتها في اليمن”، متحدثة عن “ليلة رعب” في صنعاء “أمطر خلالها التحالف بقيادة السعودية المدنيين بالقنابل بينما كانوا نائمين”.

وذكرت ان الغارة شملت اكثر من ضربة جوية واحدة، ونقلت عن سكان في المنطقة قولهم انه لم يكن هناك اي هدف عسكري لحظة وقوع الهجوم الجوي.

– الثمن الأكبر –

يشهد اليمن منذ 2014 نزاعا داميا بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية. وقد سقطت العاصمة صنعاء في أيدي المتمردين في أيلول/سبتمبر من العام نفسه. وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في آذار/مارس 2015 بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة في البلد الفقير.

والمدنيون هم من يدفع الثمن الاكبر للحرب. فمنذ بداية التدخل السعودي، قتل اكثر من ثمانية آلاف شخص بينهم الاف الاطفال والنساء، وجرح 47 الف شخص آخرين على الاقل، بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية. كما نزح مئات الاف اليمنيين من منازلهم.

ووقعت غارة الجمعة بعد يومين من مقتل 30 شخصا على الاقل بينهم مدنيون في سلسلة غارات استهدفت صنعاء ومحيطها ونسبت الى التحالف العربي بينها غارة في مديرية ارحب شمال العاصمة.

وسبق ان اتهم التحالف بالوقوف خلف ضربات جوية تسببت في مقتل مدنيين. والجمعة، ذكرت المفوضية السامية للامم المتحدة لحقوق الانسان ان ضربات جوية شنها التحالف ادت الى مقتل 42 مدنيا خلال الاسبوع الماضي، بينهم عدد من الاطفال.

وتناولت المفوضية تفاصيل بعض الضربات التي وقعت خلال الاسبوع الماضي، وقالت ان 33 شخصا قتلوا في ضربة ارحب التي ذكرت انها اصابت فندقا يقع على مقربة من نقطة تفتيش للمتمردين استهدفت قبل اصابة الفندق بدقائق ولم تؤد الى وقوع اصابات.

– “عناصر انقلابية” –

لكن العقيد ركن طيار تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف، قال لفرانس برس ان جميع من قتلوا في الضربة التي استهدفت “هدفا عسكريا مشروع” هم “عناصر انقلابية مسلحة”.

وعن غارة الجمعة، افاد بان التحالف يحقق في المسالة.

واوضح “ستقوم قيادة التحالف بمراجعة كافة عملياتها في المنطقة المحددة والوقت المحدد وستعلن حالما تنتهي مراجعتها ما تصل اليه من نتائج”.

من بين الغارات الاخرى التي نسبتها الامم المتحدة الى التحالف، ضربة استهدفت منزلا في العاصمة الاربعاء وقتل فيها ستة مدنيين، وضربة اخرى الثلاثاء اصابت منزلا قرب صعدة شمال العاصمة وقتل فيها امراة وطفلان.

وكان تقرير للأمم المتحدة نشر في الشهر الحالي افاد بان عدد الضربات الجوية في اليمن خلال النصف الأول من عام 2017 تخطى عدد الضربات الجوية التي شهدها العام الماضي بالكامل.

ودعت مفوضية حقوق الانسان التحالف العربي الى “ضمان احترام القانون الانساني”، مطالبة بتحقيقات موضوعية في الغارات التي وقعت خلال الايام الماضية.

من جهته شدد العقيد المالكي على ان التحالف يتبنى “قواعد الاشتباك طبقاً لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني”، وانه ملتزم “بواجب حماية المدنيين وتجنيبهم آثار الصراع”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية