مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

10% من ممثّلي وممثّلات الشعب السويسري من حملة الجنسية المزدوجة

جواز ات سفر
جواز السفر الإيطالي هو الأكثر انتشارًا تحت قبة البرلمان الفدرالي، كما هو الحال بين عامة السكان. Illustration: Helen James / SWI swissinfo.ch

تحت قبة البرلمان الفدرالي السويسري،  يحمل 10% من الأشخاص المنتخبين، نساءً ورجالا، جنسية ثانية. وتتجه هذه النسبة نحو الارتفاع، لكنها تظل أقلّ مرتيْن من نسبة مزدوجي ومزدوجات الجنسية بين سكان البلاد عموما.

تُعرف سويسرا بكونها بلد هجرة، وينعكس ذلك بشكل متزايد على مستوى مؤسساتها السياسية. ويضم البرلمان الجديد الذي انتخب في خريف العام الماضي، 24 عضوا وعضوة من حملة جواز سفر ثان بالإضافة إلى الجواز السويسري، وفقا لتعداد أنجزه سويس إنفو (SWI swissinfo.ch). ونجد التوزيع على النحو التالي: 19 عضوا وعضوة في مجلس النواب (الغرفة السفلى، التي تمثّل السكان)، و5 أعضاء وعضوات في مجلس الشيوخ (الغرفة العليا، التي تمثّل الكانتونات). 

محتويات خارجية

يمثّل عدد الأفراد من حملة جنسيتين خلال الفترة التشريعية الحالية (2023-2027)، أقلّ نسبيا من نظرائهم.هن خلال الفترة التشريعية السابقة. في نهاية هذه الأخيرة، بلغ عدد أفراد هذه الفئة 29 فردا، فيما لم يُعِد عدد من المعنيّين.يات الترشّح أو لم يُعَد انتخابهم.ن.

مع ذلك، يشير الاتجاه العام، على مر السنين، إلى تزايد عدد مزدوجي ومزدوجات الجنسية داخل البرلمان الفدرالي بغرفتيْه، حيث كان هناك ثلاث نواب فقط من حملة جنسيتيْن في بداية الألفية الجديدة. ولم يُلزم البرلمانيون والبرلمانيات بالإعلان عن جنسيتهم.هن الثانية إلا منذ صيف 2022، وهو ما يفسّر هذه الزيادة.

محتويات خارجية

يتماشى هذا التطوّر مع الاتجاه العام الملاحظ بين السكان، حيث تزداد نسبة مزدوجي ومزدوجات الجنسية باطّراد. وتكشف إحصاءات 2021  أنه كان بحوزة 19% من الأشخاص المقيمين.ات في سويسرا جواز سفر ثان مقابل 14% في عام 2010.

موضوع مثير للجدل

تثير هذه الظاهرة موجات احتجاج بشكل دوري داخل حزب الشعب اليميني المحافظ، كان أحدثها تلك التي أثارها عضو مجلس النواب عن هذا الحزب، مايك إيغّر، والذي تقدّم بالتماسرابط خارجي بهذا الشأن إلى البرلمان في شهر ديسمبر الماضي. 

وجاء في اقتراح البرلماني المذكور أنه: “لا يُستبعد أن يواجه أعضاء وعضوات في الجمعية الفدرالية تضاربَ مصالح على حساب سويسرا بسبب الجنسية المزدوجة”. ولمعالجة هذه المشكلة، يقترح مايك إيغّر، إلزام البرلمانيين والبرلمانيات بالتخلي عن الجنسية الثانية حال انتخابهم.هنّ أو بإعلان الولاء للكنفدرالية”.

وسبق أن أُثير نقاش حادّ حول الجنسية المزدوجة في عام 2017، قبيْل انتخاب وزير الخارجية الحالي، إنياتسيو كاسيس، لعضوية الحكومة الفدرالية. حيث بادر كاسيس حينها بالتخلّي طوعيا عن جوازه الإيطالي لضمان حصوله على أصوات اليمين المحافظ.

تخلو تشكيلة الحكومة الفدرالية الحالية من حملة جنسية ثانية. ومن أجل الحفاظ على هذا الوضع، حاول حزب الشعب تمرير قانون يمنع حيازة جواز سفر ثان لأعضاء وعضوات الحكومة، لكن المحاولة باءت بالفشل. مع ذلك نجح الحزب الأوسع تمثيلية في البرلمان في إقرار إجراء يلزم النواب والنائبات بالإعلان عن الجنسية الثانية. وقد دخل هذا الأجراء حيّز النفاذ في عام 2022.  

يتجاوز هذا الجدل بشأن الجنسية المزدوجة لأصحاب وصاحبات المناصب السياسية الهامّة حدودَ سويسرا. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، طالب حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، اليميني المحافظ، مؤخرا يأن يحمل وزراء ووزيرات ولاية بادن فورتمبيرغ الجنسية الألمانية حصريا. وفي فرنسا، أثار هذا الموضوع جدلا حادا في عام 2016، في سياق النقاش حول سحب الجنسية من الأشخاص المحكوم عليهم.ن في قضايا ارهابية. 

وتُعدّ أستراليا كذلك من البلدان التي شهدت ضجة كبيرة بسبب هذا الموضوع، حيث تفجّرت فضيحة كبرى في عام 2017، عندما كُشفت تفاصيل الجنسيات المزدوجة لعدد من الشخصيات السياسية المهمة، في الوقت الذي يحظر الدستور الأسترالي ذلك. 

تسمح العديد من البلدان لحملة جنسيات اخرى بتولي مسؤوليات يتم الوصول إليها عبر الانتخاب، لكن وفق شروط متنوعة. وهذا هو الحال خاصة في المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا وألمانيا وفرنسا ونيوزيلندا. وعموما، لا تعلن هذه البلدان عن أعضاء وعضوات البرلمان من حملة أكثر من جنسية، لذا، فإنه من الصعب القيام بمقارنات.

المملكة المتحدة: يمكن للشخص الترشّح للبرلمان إذا كان أو كانت لها جنسية مزدوجة من أيرلندا أو بلد من الكومنولث أو بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي ترتبط تاريخيا بالمملكة المتحدة.

الولايات المتحدة: يسمح بازدواجية الجنسية للبرلمانيين والبرلمانيات، لكنّ ذلك لا يشمل رئاسة البلاد.  تيد كروز، السيناتور من تكساس، على سبيل المثال، هو من مواليد كالغاري، وكان مواطنا كنديا حتى عام 2016، حيث تخلى عن جنسيته الكندية، من أجل الترشّح للرئاسة. أما الممثّل السينمائي الذي أصبح حاكما لكليفورنيا، أرنولد شوارزنيغر، فقد احتفظ بجنسيته النمساوية بينما كان يشغل منصبه. 

ألمانيا: في هذا البلد، كان لا يُسمح بالجنسية المزدوجة إلا لمواطني.ات البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وسويسرا. ولكن مؤخّرا، منح البرلمان هذه الفرصة للمواطنين.ات الآخرين.يات، من خلال تيسير شروط الحصول على جواز السفر الألماني. على سبيل المثال، يمتلك دافيد ماكاليستر، الذي كان يعتبر في وقت ما الشخص الذي سيخلف المستشارة أنغيلا ميركل، الجنسية البريطانية.

كندا: كان رئيس وزراء كندا السابق، جون تيرنر، في عام 1984 يتمتع بالجنسية البريطانية بالإضافة إلى جنسيته الكندية. بينما كان زعيم الليبراليين.يات السابق، ستيفان ديون، فرنسيّا. ومنذ حوالي عشر سنوات، كان ما لا يقل عن 11% من أعضاء وعضوات البرلمان الكندي من ذوي.ات الجنسيات المزدوجة.

“لا للتنكّر للأصل

ينتمي أغلب البرلمانيين والبرلمانيات من حملة الجنسيات المزدوجة، مثلما يكشف الرسم البياني التالي، إلى أحزاب اليسار (13 من الحزب الاشتراكي، وثلاثة من حزب الخضر). كذلك ينتمي ثلاثة منهم.هن إلى الحزب الليبرالي الراديكالي: وثلاثة آخرون.يات لحزب الشعب اليميني المحافظ.

محتويات خارجية

أحد هؤلاء، جان لوك أدّور، النائب عن كانتون فاليه، والذي أٌدين بتهمة التمييز العنصري ضد المسلمين.ات من قبل المحكمة الفدرالية في عام 2020، وهو ينتمي إلى جناح الصقور بحزب الشعب المحافظ. ومع ذلك، لا يتورّع عن إعلان جنسيته الإيطالية إلى جانب جنسيته السويسرية، وهو لا يعير بالاً للانتقادات الموجّهة له من قبل زملائه وزميلاته في الحزب.

نائب برلماني
حصل النائب البرلماني جان لوك أدور على الجنسية الإيطالية عن طريق الزواج. © Keystone / Peter Schneider

وعلى الرغم من رفضه لظاهرة “اختلاط السكان”، يرى هذا النائب أن حمل أعضاء وعضوات البرلمان لجنسية ثانية لا يُعرّض ولاءهم.هن تجاه الكنفدرالية للخطر. ويقول: “يتوجّب النزاهة والاندماج بالكامل على كلّ الأفراد، ولكن ليس بالضرورة التنكّر للأصول.”

مخاوف لا مبرّر لها

سارة فايس، هي الأخرى برلمانية مزدوجة الجنسية، من كانتون بازل، لكنها تنتمي إلى اليسار. تقول عن نفسها: “لقد ورثت الجنسية الفرنسية عن جدّتي، التي جاءت إلى سويسرا بعد الحرب العالمية الثانية، وحصلتُ على الجواز الفرنسي عندما كنت في العاشرة من عمري، ولم أعش في ذلك البلد أبدا، كما أنه ليس لدي ارتباط خاص به”.

وتعتبر فايس التزام البرلمانيين والبرلمانيات بالإعلان عن الجنسية الثانية شكلا من أشكال الشفافية. وحسب رأيها: “قد لا يكون هذا هو هدف حزب الشعب، الذي يقول إنه اقترح هذا الإجراء لأنه كان يخشى وقوعَ مزدوجي.ات الجنسية في تضارب مصالح”. لكن هذه المخاوف لا مبرّر لها، وهي تسهم فقط في إشعال جدل غير ضروري، حسب تعبيرها.  

وتنظر البرلمانية الاشتراكية إلى ازدياد التعددية في البرلمان السويسري كمؤشر جيد للتنوع. ومع ذلك، فإنها ترى أن هناك تقدّمًا يجب تحقيقه عبر: “تمثيل أفضل للجنسيات، وكذلك للأجناس والتوجهات الجنسية والمهن والفئات الاقتصادية المختلفة”. 

سارة فايس
سارة فايس، البرلمانية الاشتراكية من كانتون بازل- المدينة، تمتلك جواز سفر فرنسي ورثته عن جدّتها. © Keystone / Alessandro Della Valle

استمرار أشكال من التمييز

يشدّد الخبير السياسي نيناد ستوفانوفيك، على أن ليس هناك بالضرورة أصول مهاجرة للنواب والنائبات من حملة جواز سفر ثان، مثل جان لوك أدّور. كما يُلاحظ أن نسبة ذوي وذوات الجنسية المزدوجة لاتزال ضئيلة في البرلمان، حيث لا تمثّل سوى 10%. ويقول: “لو كان البرلمان حقًّا مرآةً للمجتمع، فإن نسبة ذوي.ات الجنسيتيْن يجب أن تكون ضعف ما هي عليه الآن تقريبًا”.

وأظهرت دراسة قام بها نيناد ستوفانوفيك وليا بورتمان أن المرشحين والمرشحات من حملة أسماء ذات أصول مهاجرة عادة ما يتم تضمينهم.هن في القوائم الانتخابية، ولكن نادرا ما يتم ترشيحهم.هنّ. ويوضّح ستوفانوفيك: “تجعل هاتان الآليتان من الصعب على الأشخاص من أصل مهاجر دخولَ البرلمان”. وفي الواقع، يحمل معظم أعضاء وعضوات البرلمان أسماءً وألقابًا لا تشي بازدواجية الجنسية.

ويشير نيناد ستوفانوفيك إلى أن دور الأحزاب كبير في تعزيز تمثيل الأشخاص من أصول مهاجرة، حيث يمكن للأحزاب “منحهم.هن ظهورا أكبر من خلال وضعهم.هن في مراتب أعلى في القوائم الانتخابية أو تخصيص قوائم خاصة بهم.هن”.

تعتبر نويمي كاريل، مؤلفة رسالة دكتوراه حول الوصول إلى المناصب السياسية على مستوى البلديات في سويسرا، أنه من الأهمية بمكان التحرك على المستوى المحلي”، ولكن قبل التمكّن من ترسيم الاسم أو الترشح في القائمة، يجب الالتحاق بها أوّلا. وهنا أيضًا، ليس كل شيء سهلاً. حيث تشرح إنه ” يجب على الأحزاب تجنيد أعضاء وعضوات جدد وتعزيز الأشخاص من أصول مهاجرة”، مشدّدة على أن ذلك يُعتبر مهمّة طويلة المدى.

الجنسية الإيطالية في المقدّمة

بعض الجنسيات أيضا ممثلة أفضل من غيرها على الساحة السياسية السويسرية: حيث نجد 13 برلمانيا وبرلمانية من حملة جواز إيطالي، يليه الجواز الألماني، والفرنسي والتركي، بمعدّل ثلاثة برلمانيين.ات لكل واحد منها. وبالنسبة لمن تبقى من هذه الفئة، نجد جاكلين بادران من أستراليا، ودانيا جوسيتش من كولومبيا. 

ويُلاحظ أن الجنسيات الثانية الرئيسية (الإيطالية، والفرنسية والألمانية، والتركية) التي نجدها تحت قبة البرلمان هي نفسها الأوسع انتشارا بين صفوف السكان عموما. في المقابل، لا يوجد تمثيل للجوازيْن البرتغالي والإسباني في البرلمان، على الرغم من تشكيل رعايا هذيْن البلديْن ثالث ورابع أكبر تجمّعيْن للمهاجرين.ات من حملة جنسيتيْن. 

>> اشتمل البرلمان منذ تسعينات القرن الماضي على حوالي أربعين عضوة وعضوة من ذوي الجنسيات المزدوجة، وكانت الغالبية للأصول الإيطالية- السويسرية:

محتويات خارجية

لا يفاجئ هذا التوزيع على المستوى الوطني، الذي يشبه إلى حد كبير نظيره على المستوى المحلي، نويمي كاريل. التي تلاحظ ” إتقان المهاجرين والمهاجرات من البلدان المجاورة عادةً إحدى اللغات الوطنية، وهو ما يفسح المجال للمشاركة السياسية للأفراد من الجبل الأوّل.” مضيفةً “ثم إن الأسماء، بالنسبة للرجال والنساء، لا تشكّل عقبة أمام المسار السياسي”.

وليس من المستغرب هذا الحضور القوي لحملة الجنسية المزدوجة السويسرية-الإيطالية في الحياة السياسية المحلي، حيث إنها تعتبر أكبر مجموعة من أصول أجنبية في البلاد. ويتعلّق الأمر بأفراد من الجيل الثاني والثالث، وربما من الجيل الرابع من المهاجرين.ات الذين واللواتي يعود تاريخ وصولهم.ن إلى سويسرا إلى هجرة العمال الإيطاليين والإيطاليات في النصف الثاني من القرن العشرين.

يُترجم هذا التاريخ الطويل الآن إلى مقبولية على مستوى المؤسسات السياسية ويعكس اعترافا بهم.هن كمواطنين.ات ضمن المجتمع السويسري. يعتبر هذا المسار طويلاً بالتأكيد، ولكنه يشيع أيضا نوعًا من التفاؤل بأن المشاركة السياسية المستقبلية سوف تمنح فرصا لفئات أخرى من السكان من أصول مهاجرة”، حسب الباحثة.

تحرير: سامويل جابيرغ

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

مراجعة: مي المهدي/ أم

المزيد

من يستطيع الإنتخاب في سويسرا؟ ومن لا يستطيع؟

في الانتحابات السابقة (2015) وصل عدد المؤهلين للإقتراع 5.28 مليون نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ 8.33 مليون أي ما يعادل 63%. فمن هم البقية الذين يمثلون 37% ولا يحق لهم التصويت؟  هنا نسلط الضوء على مختلف فئات المجتمع وما إذا كان بإمكانهم التصويت على المستويات الحكومية الثلاثة: الفدرالي والكانتوني والبلدي. الأجانب ربع سكان سويسرا لا يحملون الجنسية السويسرية.…

طالع المزيدمن يستطيع الإنتخاب في سويسرا؟ ومن لا يستطيع؟

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية