The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

سويسرا تسعى إلى تطوير أداة ذكاء اصطناعي تشبه العقل البشري

الذكاء الاصطناعي
تتنافس الشركات في جميع أنحاء العالم على تطوير الذكاء الاصطناعي ليقترب من مستوى الذكاء البشري. Copyright 2024 The Associated Press. All Rights Reserved.

انضمّت سويسرا إلى السباق العالمي لتطوير ذكاءٍ اصطناعي قادر على "التفكير" مثل البشر. ويعتقد البعض أن الوصول إلى هذا الهدف لم يعد بعيدًا. فهل هذا التقدير واقعي، أم أنه مجرّد تفاؤل مبالغ فيه؟

منذ إطلاق “تشات جي بي تي” عام 2022، اعتاد ملايين الأشخاص التفاعل مع الذكاء الاصطناعي كما لو كان بشرًا. ومع ذلك، لم ينجح أيّ نظام ذكاء اصطناعي، حتى الآن، في إظهار ذكاء بالمعنى “البشري” للكلمة.

وأمَّا أكثر منصات الذكاء الاصطناعي شيوعًا، فتقوم على النماذج اللغوية المتقدمة (LLM)، وتقدّم التقديرات استنادًا إلى أنماط متكرّرة، تعلّمتها من كميات هائلة من البيانات. ومعظم هذه النماذج غير قادر على التعلّم الفوري، أو التكيّف مع معلومات جديدة كما يفعل العقل البشري. ويقول تورستن هوفلر، أستاذ علوم الحاسوب في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ: “تخدعنا هذه النماذج بذكائها المصطنع، الذي يبدو شبيهًا بذكائنا البشري. لكنها تفتقر إلى الفهم العميق والحقيقي؛ فهي مجرّد محاكاة حاسوبية”.

ومن أجل سد الفجوة بين الإنسان والآلة، تتسابق الشركات، ومراكز الأبحاث حول العالم لتطوير “الذكاء الاصطناعي العام” (AGI).  وهو ذكاء اصطناعي قادر على الفهم والتكيّف، كما البشر. وتطمح الفرق العاملة في المجال إلى بلوغه، لأنه سيمنح الآلات قدرةً على أداء أيّ مهمة بدقةٍ ومرونةٍ شبيهة بالبشر.

وفي سويسرا، يعتقد البعض أنّ هذا الهدف بات قريب المنال. وفي المقابل، يشكّك بعض الخبراء والخبيرات في قدرة النماذج اللغوية المتقدمة، أو النماذج المشابهة، على تحقيق هذا الهدف. بل ويذهب البعض إلى التشكيك في ما إذا كان السعي وراء ذكاءٍ اصطناعي “بشري”، هدفًا مرغوبًا فيه أصلًا.

اختبار الذكاء الاصطناعي

في قلب هذا السباق، تبرز “جيوتو” (Giotto.ai)، وهي  شركة سويسرية ناشئة تتصدر حاليًا تصنيف جائزة  “آرك” (ARC)رابط خارجي؛ المسابقة العالمية لقياس التشابه بين أنظمة الذكاء الاصطناعي والتفكير البشري، من خلال سلسلة من الألغاز البصرية.

مصطلح “آرك” (ARC) هو اختصار لعبارة “مجموعة الاستدلال والتجريد للذكاء الاصطناعي العام رابط خارجيرابط خارجي“.  ويعدّ هذا المعيار أحد أهم المراجع على مستوى العالم، لقياس مدى التقدّم نحو إنشاء الذكاء الاصطناعي العام. ويتكوّن اختبار قياسه من ألغاز بصرية، تهدف إلى اختبار قدرة الذكاء الاصطناعي على التفكير التجريدي والاستنتاج العام، انطلاقًا من أمثلة محدّدة. ومع قدرة البشر على حلّها بسهولة، ما تزال صعبة للغاية، بالنسبة إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية.

الذكاء الاصطناعي
مثال على أحد الألغاز في مسابقة “آرك”: يجب على الذكاء الاصطناعي فهم القاعدة الخفية من خلال صور المدخّلات (على اليسار)، قبل تطبيقها على صور الإخراج (على اليمين). arcprize.org

وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، تقول “جيوتو” إنها نجحت في حل 27،08  %من الألغاز. وبذلك، تتفوق على نماذج لغوية شهيرة مثل “جروك” (Grok 4)، و”جي بي تي” (GPT-5). وتنتهي منافسة هذا العام في الثالث من نوفمبر.

ومن المعاهد السويسرية الساعية إلى بلوغ هدف إنشاء الذكاء الاصطناعي العام، يبرز معهد الأبحاث “لاب 42″، ومقرُّه دافوس. ويدعم المعهد فرق البرمجة حول العالم، لتطوير خوارزميات قادرة على حلّ هذه الاختبارات. وفي عام 2024، حقَّق أحد فرقه البحثية رقمًا قياسيًا عالميًّا جديدًارابط خارجي، بحلّ 34% من اختبارات “آرك”، في منافسة غير رسمية.

>> اقرأ.ي المزيد عن “لاب 42” السويسري:

المزيد
رجل أمام شاشات حاسوب داخل مختبر

المزيد

مركز “محايد” لبحوث الذكاء الاصطناعي ينبثق من جبال الألب السويسرية

تم نشر هذا المحتوى على تطمح دافوس إلى أن تصبح مركزًا بحثيًا للذكاء الاصطناعي «محايدًا سياسيًا» لموازنة هيمنة الصين والولايات المتحدة.

طالع المزيدمركز “محايد” لبحوث الذكاء الاصطناعي ينبثق من جبال الألب السويسرية

ورغم أنّها مذهلة، ما تزال هذه النتيجة بعيدة جدًا عن مستوى الذكاء البشري. ويؤكدرابط خارجي فرانسوا شولي، واضع اختبار “آرك”، قدرة الإنسان “الذكي” على حلّ أكثر من 95 % من الألغاز، دون تدريب.

ويعتقد فريقا البحث في “جيوتو”، و”لاب 42″ أن الفوز في المسابقة قد يقرّبهما من ابتكار تكنولوجيا تعمل مثل الدماغ البشري من حيث الإبداع، والقدرة على التعلّم بشكل مباشر، والسرعة في اكتساب مهارات جديدة.

ذكاء النماذج اللغوية المتقدمة لا يزال محدودًا

يرى ماركو زافالون، المدير العلمي لمعهد دالي مولي لدراسات الذكاء الاصطناعي في لوغانو، أنّ الذكاء العام لا يزال بعيد المنال، بالنسبة إلى نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية، مهما كانت نتائجها جيدة في بعض الاختبارات.

ويشرح قائلاً: “لا تمتّ معظم النماذج اللغوية المتقدمة اليوم للذكاء الفعلي بصلة. فهي تتعرّف على الأنماط، لكنها لا تفهم الأسباب”. وبحسب زافالون، وفي ظل غياب فهم قانون الأسباب والنتائج، ينحصر الذكاء الاصطناعي في المستوى الأدنى، ويتوقّف عند الترابطات الإحصائية.

أما النظام الذكي فعلًا، فيجب أن يكون قادرًا على تخيّل سيناريوهات بديلة، وطرح سؤال من النوع التالي: “ماذا سيحدث لو…؟”. ووفقًا له، تبدو النماذج اللغوية المتقدمة قادرة على ذلك، لكنها مجرد محاكاة للأنماط الموجودة في نصوص كتبها البشر.

ويعتبر زافالون أنّ المشكلة تكمن في تركيز الشركات على تحسين النماذج، عبر بيانات ضخمة، وحلول هندسية سريعة. ويرى أنّ هذا النهج لا يؤدي إلى ثورة علمية تقرّب الذكاء الاصطناعي من طريقة عمل الدماغ البشري. ويختم قائلًا: “يتطلّب الذكاء الحقيقي نهجًا جديدًا لإنشاء ذكاء اصطناعي قادر على الدمج بين الأنظمة القائمة، وإعادة التفكير في أسسها”.

تطور نماذج الاستنتاج

يرى بعض الباحثين والباحثات أنّ نماذج جديدة للذكاء الاصطناعي، تُعرَف باسم أنظمة الاستدلال الاستنتاجي، قد تساعد على تجاوز بعض القيود الحالية.

وتعتمد هذه الأنظمة أيضًا على التوقّعات الإحصائية. لكنها تحاول محاكاة التفكير البشري من خلال تجزئة المشكلات المعقّدة إلى أجزاء أصغر، وحلّها بشكل متسلسل.

وعلى غرار شركات كثيرة حول العالم، تأمل “جيوتو” في إنشاء الذكاء الاصطناعي العام من خلال أنظمة الاستدلال. وتؤكد الشركة أن نظامها أصغر حجمًا، وأكثر فعالية، مقارنة بنماذج مثل “جروك 4”، أو “جي بي تي 5”. لكن، لا تزال كيفية تحقيق هذه النتائج غير واضحة. إذ لم تكشف الشركة الناشئة عن التفاصيل التقنية لنهجها، غير أنها تعتزم نشر تقرير مفصّل عند انتهاء المسابقة.

وعلى غرار شركات كثيرة حول العالم، تأمل “جيوتو” في إنشاء الذكاء الاصطناعي العام من خلال أنظمة الاستدلال. وتؤكد الشركة أن نظامها أصغر حجمًا، وأكثر فعالية، مقارنة بنماذج مثل “جروك 4”، أو “جي بي تي 5”. لكن، لا تزال كيفية تحقيق هذه النتائج غير واضحة. إذ لم تكشف الشركة الناشئة عن التفاصيل التقنية لنهجها، غير أنها تعتزم نشر تقرير مفصّل عند انتهاء المسابقة.

هل تقترب سويسرا من إنشاء الذكاء الاصطناعي العام؟

في حال فوز نظام شركة “جيوتو” للذكاء الاصطناعي بجائزة “آرك”، وتفوّقه على عمالقة التكنولوجيا في أمريكا، فسيكون ذلك إنجازًا لافتًا لسويسرا. ومع ذلك، لا تزال كيفيّة استخدام نموذج قادر على حلّ الألغاز على أرض الواقع، غير واضحة. ويقول تورستن هوفلر: “يتمتّع الإنسان بقدرة هائلة تتخطّى مجرد القدرة على حلّ الألغاز”.

وفي مقابلة مع سويس إنفو (Swissinfo.ch)، صرّح ألدو بوديستا، المدير التنفيذي لمعهد دالي مولي لدراسات الذكاء الاصطناعي، بأنّ أيّ تطبيق يخطر بالبال سيُصبح ممكنًا، إذا نجحت “جيوتو” في بلوغ هدف إنشاء الذكاء الاصطناعي العام خلال العام المقبل.

في المقابل، يبدي ماركو زافالون تحفّظه تجاه مثل هذه الادعاءات. فيشكّك في إمكانات الأنظمة القائمة على النماذج اللغوية المتقدمة والتقديرات الإحصائية، لأنّ وصولها إلى مستوى ذكاء شبيه بالذكاء البشري يظل أمرًا صعبًا. ويضيف أنّ الوعود المماثلة، من شركات مثل “أوبن أ.ي” (OpenAI)، و”أنتروبيك” (Anthropic)، تبدو حتى الآن مجرد حملات دعائية تهدف إلى جذب الاستثمارات الكبرى، خاصة أنها لم توضّح كيفية تجاوز التحديات الأساسية المرتبطة بالاستدلال السببي، على سبيل المثال.

ويُضيف زافالون مؤكدًا: “سيبقى الذكاء البشري هدفًا بعيد المنال، ما لم تُدمج هذه النماذج بأنظمة قادرة على فهم العالم، والتفكير فيه من خلال الترابط السببي. وهذا ما لم يتحقق حتى اليوم”.

ومن جانبه، شدّدرابط خارجي العالِم الصيني سونغ-تشون تزو، أحد أبرز خبراء الذكاء الاصطناعي في العالم ومدير معهد بكين للذكاء الاصطناعي العام، في رسالة إكترونية، على ضرورة تطوير تكنولوجيات مختلفة كلّيًا، وقادرة على فهم قوانين السببية بعمق، بدلًا من الاكتفاء بالتقديرات الإحصائية.

ذكاء اصطناعي شبيه بالذكاء البشري: جاذبية محفوفة بالمخاطر

يبدو أنّ التوصّل إلى ذكاء اصطناعي شبيه بالذكاء البشري لا يزال بعيد المنال. وبالنسبة إلى كثير من الباحثين والباحثات، قد يكون ذلك الأمر إيجابيًّا. فتطرح النماذج التي تجعل الحدود بين الإنسان والآلة ضبابية، مشكلات أخلاقية خطيرة، وفقًا لبيتر ج. كيرشلايغر، أستاذ الأخلاقيات في جامعة لوتسرن، وأستاذ زائر في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ.

ويشرح كيرشلايغر قائلًا: “لا يكمن الخطر في قدرة الآلات على تقليدنا، بل في قدرتها على استبدالنا في اتخاذ القرارات دون أن يتحمّل أحد مسؤولية ذلك”.

ويعتبر كيرشلايغر أنّ للذكاء الاصطناعي إمكانات كبيرة، مثل تطوير البحث العلمي، وحلّ المشكلات اليومية بأساليب أكثر استدامة. ومع ذلك، يُصرّ على ضرورة التمييز الواضح بين البشر والآلات، حتى تظلّ كلّ قراراتنا مرتبطة بمسؤولية الفرد.

ويختتم قائلًا: “يجب أن تبقى القرارات في أيدي البشر. أما الآلات، فينبغي أن تقتصر وظيفتها على تنفيذها فقط”.

تحرير : غابي بولارد

ترجمة : إيفون صعيبي

مراجعة: ريم حسونة

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: سارة إبراهيم

الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته: نعمة أم نقمة؟

أصبحت الحواسيب قادرة بشكل متزايد على تنفيذ المهام التي تتطلب ذكاءً بشريًا وعلى اتخاذ القرارات نيابةً عنا. هل يجب أن نسمح لهم بذلك؟

4 إعجاب
72 تعليق
عرض المناقشة

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية