مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا بعُيون باكستانية

يعتقد السفير السويسري لدى اسلام اباد ان معظم القرويين الباكستانيين يجهلون أصلا تواجد سويسرا على خريطة العالم Keystone

الحيادُ والنَّظافةُ والفَعاليةُ والسرُّ المصرفي، هكذا ترسمُ باكستان ملامح سويسرا. وزيرُ الخارجية السويسري جوزيف دايس لمس بنفسه ارتباط هذه الكليشيهات التقليدية باسم الكنفدرالية خلال زيارته لاسلام أباد إحدى محطات جولته الآسيوية الأخيرة.

“سيدي الوزير، كيف تنظرون إلى مدى دستورية الاستفتاء الذي سيُنظمه الجنرال بيرفيز مشرف؟”، و”ما هو رأيكم بشأن إصلاح مجلس الأمن الدولي؟”، “سعادة الوزير، ما هو موقف سويسرا من نزاع إقليم كاشمير؟”

هذه عينةٌ من سيل الأسئلة التي تدفَّقت على مسامع وزير الخارجية السويسري لدى زيارته يوم الخميس المُوافق للثامن عشر من أبريل نيسان الجاري للعاصمة الباكستانية إسلام أباد حيث عقد مؤتمرا صحفيا. بعضٌ من الأسئلة التي طُرحت على السيد دايس مُرتبط مُباشرة بزيارته إلى إسلام أباد والبعض الآخر يسبحُ في عالم آخر..

وقوفُ السيد دايس أمام صحافيين يطرحون أسئلة تصبُّ في خانات مُتعددة وتسير في اتجاهات مُختلفة لم يُشوش تركيز رئيسِ الدبلوماسية السويسرية الذي أوضح أنه مر بتجربة مُماثلة إلى حد ما في الشرق الأوسط لما طلب منه أحد الصحافيين بالحاح أن يُعلق على تصريح لرئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان!

وعن قضية إقليم كاشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، يشرح السفير السويسري لدى إسلام أباد السيد كريستيان دونان أن هذا السؤال بات تقريبا من طقوس البلاد ويُطرح على أي وزير خارجية أجنبي تطأ قدماه التراب الباكستاني. السيد دونان أوضح أنه خلافا للهند، تسعى باكستان بأي ثمن إلى أن يكتسب نزاع كاشمير بُعدا دوليا.

الدبلوماسية السويسرية لا تشبع الفضول

ماذا إذن عن لهجة الصحافيين الباكستانيين تجاه سويسرا، أهي عدوانية أو تهجُّمية؟ لا، هي لهجة تعبر عن فضول ورغبة في الحصول عن معلومات وتصريحات تتجاوز حدود اللغة الدبلوماسية.

لكن اجتياز هذه الحدود قد يكون صعبا أو مستحيلا عندما يكون الدبلوماسي متمكنا من لغته. فالسيد دايس لم يُشبع، على سبيل المثال، فضول الصحافيين الباكستانيين حول الحسابات المُجمدة لرئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينازير بوتو في المصارف السويسرية. السيد دايس اكتفى بالقول: “لا نستطيع رفع إجراء تجميد هذه الأموال طالما لم يحسم القضاءُ المسألة في باكستان نفسها.”

لكن رسالة السيد دايس قد لا تصل إلى مستمعيه الباكستانيين. فالصحافي المتخصص في كتابة التقارير للقناة الوطنية الباكستانية PTVNews ماتين حيدر ذكَّر وزير الخارجية السويسري أن السيدة بوتو ليست حالة وحيدة أو استثنائية وأن عددا من القادة الباكستانيين السابقين حولوا أموالا ووجدوا لها ملجأ في سويسرا.

الصحفي حيدر لم يتردد في إبلاغ السيد دايس بأن الباكستانيين ينتظرون تعاونا أفضل من قبل السلطات السويسرية في هذا المجال قائلا: “إن هذه الأموال يجب أن تعود إلى باكستان، نحن في حاجة اليها لمكافحة الفقر.” ولم يفت الصحفي حيدر الإشارة إلى انضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة معربا عن أمله أن “تضم سويسرا أيضا صوتها إلى الأصوات المدافعة عن الدول المقموعة” على حد تعبيره.

الكليشيهات السويسرية صامدة

أما عن صورة سويسرا الراسخة في أذهان الباكستانيين، فيقول سفير الكنفدرالية لدى إسلام أباد إن من سنحت له الفرصة لزيارة سويسرا يحتفظ بذكريات طيبة عن هذا البلد عموما، وترسخ في ذهنه المناظر الجميلة والنظافة والجبنة والشوكولاطا.

وبالنسبة لنشطات دائرة التعاون والتنمية السويسرية التابعة لوزارة الخارجية في باكستان، فيشرح السفير كريستيان دونان الذي يشغل منصبه منذ سنتين: “اعتقد انه يُمكنني القول ان ما تقوم به دائرة التعاون والتنمية يروق للجميع هنا. ما تقدمه سويسرا ليس مُساعدات لاعادة توازن الأجور التي سيسمع عنها الناس عبر وسائل الإعلام. ما نقدمه نحن مشاريع يمكن لمس نتائجها وهذه هي الفعالية التي تحظى بالإعجاب هنا.”

لكن هل يدركُ المُجتمع الباكستاني بكافة شرائحه حجم أو طبيعة المساعدات السويسرية المقدمة له؟ إجابة السيد دونان قد تثير الدهشة أو الابتسامة حيث يقول: “لا اعتقد أن المزارعين يصحون كل صباح شاكرين الله على المساعدات السويسرية لهم. أنا مقتنع أن معظم الناس في القرى الباكستانية يجهل حتى تواجد سويسرا على الخريطة.”

ويختتم السفير السويسري لدى إسلام أباد بالقول: “إنْ كنا نسمع كل هذه الشهادات الطيبة عن بلادنا فربما لأن قليلا من الباكستانيين يعرفونها حق المعرفة”!

سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية