The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

مراكز أمنية وسجون تتحول إلى مواقع تصوير بعد إطاحة الأسد

afp_tickers

على مدرّج مطار المزة العسكري قرب دمشق الذي كان رمزا من رموز حقبة الحكم السابق في سوريا، يقف طاقم عمل مسلسل “عيلة الملك” أمام مروحية تهبط ببطء لتصوير مشهد هروب شخصية نافذة في الساعات الأخيرة لحكم بشار الأسد.

بينما يصدر المخرج محمد عبد العزيز تعليماته عبر اللاسلكي لفريق العمل، يصف تلك اللحظة قائلا “من الصعب تخيّل أننا نصوّر هنا، مطار المزة كان رمز القوة العسكرية. الآن نصنع فيه دراما عن سقوط تلك القوة”. 

مسلسل “عيلة الملك” واحد من عدة مسلسلات ستعرض في شهر رمضان، ويجري تصويرها داخل مراكز أمنية شكلت رمزا للقمع وكان دخولها محرّما على السوريين على مدى عقود.

تدور أحداث المسلسل التي تروي قصة عائلة من دمشق خلال الأشهر الأخيرة من حكم الأسد، وتُسلط الضوء على العوامل الاجتماعية والسياسية التي أسهمت في سقوطه.

ويقول المخرج لوكالة فرانس برس “إنه إحساس غريب، فالأماكن التي كانت تُحكم منها سوريا قد تحولت إلى استديوهات، من فرع فلسطين إلى مطار المزة العسكري، من مكان كان يُحكم بالحديد والنار، إلى فضاء نجرب فيه أدوات إبداعية”.

كان مطار المزة العسكري قاعدة جوية ومركز اعتقال تديره شعبة المخابرات الجوية.

ويصوّر عبد العزيز مشاهد أخرى في فرع فلسطين، أحد فروع المخابرات العسكرية السابقة المرهوبة في دمشق.

في هذا المكان الذي ارتُكبت فيه عمليات تعذيب وانتهاكات، يمر فريق التصوير في ما يشبه ساحة حرب مصغّرة، تحترق مركبات وتدوي انفجارات، في مشهد يجسّد، وفق عبد العزيز، “تحرير معتقلين لحظة انهيار الأجهزة الأمنية”. 

بعد سقوط الحكم السابق، توجّه المئات إلى الفروع الأمنية في كافة أنحاء البلاد، بحثا عن أفراد من عائلاتهم دخلوها ولم يخرجوا منها قط، بينما خرج آلاف المساجين من زنزاناتهم. 

ويضيف عبد العزيز أن “فرع فلسطين كان أحد أركان النظام الأمني، مجرد ذكر اسمه كان يبث الرعب في النفوس. واليوم نصوّر داخله مشاهد كاملة، مع مراعاة الوثائق التي يجب أن تُؤرشف من دون أن نمسّ بها”.

– “قبضة أمنية” –

في محيط منزل الرئيس المخلوع في منطقة المالكي الراقية في دمشق والذي دخله السوريون ليلة هروب الأسد إلى روسيا ونهبوه، يؤدي ممثلون مشهد شجار.  

يقول عبد العزيز “القبضة الأمنية لم تعد موجودة، صورنا مشاهد في ساحة المالكي وشجارا بين أكثر من 150 شخصا وإطلاق رصاص…كان هذا من المستحيل تنفيذه”.

ينجز الفريق عمليّة المونتاج في بيت دمشقي تقليدي في أحد أحياء المدينة القديمة. هناك يجلس الكاتب معن سقباني (35 عاما) أمام شاشة صغيرة، يناقش مع المخرج ترتيب المشاهد قبل إتمام النسخة النهائية. 

وعلى الرغم من تراجع سطوة الرقابة، ينظر سقباني بحذر إلى المستقبل. ويقول “لا أعرف إلى أي مدى سيبقى سقف الرقابة مرفوعا…نحن في حالة ترقّب لنرى كيف سيتم التعامل مع الأعمال التي ستُعرض في رمضان”.

منذ الإطاحة بالحكم السابق قبل عام، شهد قطاع الدراما في سوريا تحوّلات لافتة، مع عودة عشرات الممثلين والفنيين والمخرجين إلى البلاد بعد سنوات من مغادرتها خصوصا لانتمائهم إلى المعارضة. ولكن إذا كان المنتجون قادرين على دخول مواقع كانت محظورة فهذا لا يبدد المخاوف من عودة القيود  سواء من جهة الدولة أو من تيارات دينية محافظة.

ويشرح الكاتب أن لجنة القراءة التابعة لوزارة الإعلام ما زالت موجودة، لكنها بدت أكثر مرونة خلال قراءة نص “عيلة الملك… قدّمنا النص، وكانت الملاحظات الرقابية بسيطة جدا”.

– “أماكن محرمة” –

ولا يقتصر كسر المحظورات على هذا العمل وحده.

يُخرج الليث حجو مسلسل “السوريون الأعداء” المستوحى من رواية للكاتب السوري فواز حداد. 

ويشرح المدير الإعلامي للمسلسل أمين حمادة أنه في هذا العمل تتقاطع “حياة الأفراد مع أجهزة الدولة الأمنية في شبكة معقّدة من الشبهات والخوف، وتظهر السلطة فيها قادرة على تحويل المواطنين إلى خصوم بمجرد الشكّ في ولائهم”. 

ويستعيد بدوره المخرج محمد لطفي في مسلسل “الخروج إلى البئر” حدث عصيان وقع في سجن صيدنايا في العام 2008، وانتهى بمقتل العشرات من المساجين وحراس السجن، في عمل من تأليف سامر رضوان ويضمّ نخبة من الممثلين السوريين مثل جمال سليمان. 

ويقول المخرج إن “العمل كُتب قبل أكثر من عامين وكنا ننوي تنفيذه قبل سقوط بشار الأسد”، لكن تحديّات عدة حالت دون ذلك، لا سيما “خوف” الممثلين حينذاك من رد فعل السلطة، وعقبة اختيار موقع التصوير إذ كان يتعذّر التصوير في سوريا. 

لكن الآن، يعتزم الفريق التصوير في السجن الذي ظل دخوله لعقود من المحرمات، ويُعتبر أحد أكثر المواقع التي شهدت انتهاكات وحالات إخفاء قسرية. 

ويقول لطفي “السلطة الجديدة رحّبت بالعمل وقدّمت دعما لوجستيا وتسهيلات واسعة للتصوير داخل سجن صيدنايا”.

ويضيف أنه بات من الممكن “نقل معاناة السجناء وممارسات السلطة من داخل المكان الحقيقي” بعدما كان ذلك ضربا من الخيال”.

مون/لو/ب ح/ص ك

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية