من الركام إلى الخيام.. قضبان الحديد تساعد سكان غزة على الصمود في برد الشتاء
من حسيب الوزير
غزة 11 ديسمبر كانون الأول (رويترز) – مع اشتداد برد الشتاء في قطاع غزة، يشق نازحون فلسطينيون طريقهم كل يوم إلى بيوتهم التي دمرها القصف الإسرائيلي.
وهناك ينبشون بين الركام لاستخراج قضبان وأسياخ حديدية من بين الجدران المنهارة لاستخدامها في تثبيت خيامهم الواهية أو بيعها لتأمين قوت يومهم في القطاع الذي يحتاج سنوات للتعافي من آثار الحرب.
أصبحت تلك القضبان سلعة مطلوب بشدة في قطاع غزة، حيث تتشابك بين الأنقاض التي خلفتها الحملة العسكرية الإسرائيلية التي لم تسلم منها سوى القليل من المنازل. ويقضي بعض السكان أياما في تكسير الكتل الإسمنت لاستخراجها، فيما يستغرق آخرون أسبوعا أو أكثر في هذا العمل الشاق.
ومع الاستعانة بأدوات بدائية من مجارف ومعاول ومطارق يمضي العمل ببطء.
* ملايين الأطنان
كانت هذه الأسياخ يوما ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلا. وأغرقت الأمطار الغزيرة بالفعل الأمتعة القليلة للكثير من سكان غزة، مما زاد من معاناتهم.
يحاول وائل الجبرا، وهو أب لستة أطفال يبلغ من العمر 53 عاما،نصب خيمة مؤقتة، محاولا تثبيت قضيبين فولاذيين معا.
وقال “مفيش معي مصاري طبعا إنه اشتري خشب… فاضطريت أطلع الحديد هذا من البيت. وطبعا البيت مكون من خمس أدوار، ما لناش إلا الله وهذا البيت اللي كان ساترنا وهاي حالتنا زي ما أنت شايف”.
وفي نوفمبر تشرين الثاني، قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الحرب في قطاع غزة خلفت ما يقدر بنحو 61 مليون طن من الأنقاض، بناء على تقديرات تستند إلى صور الأقمار الصناعية.
وأضاف أن إزالة معظم هذا الركام قد تستغرق سبع سنوات إذا توفرت الظروف المناسبة.
* سعر سيخ الحديد قد يصل إلى 15 دولارا
قد يبلغ سعر سيخ حديدي طوله 10 أمتار 15 دولارا، وهو مبلغ كبير بالنسبة لعائلات نازحة بالكاد تملك المال.
واندلعت الحرب بعد هجوم مباغت شنه مسلحون تقودهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)على بلدات في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023. وتقول إحصاءات إسرائيلية إن الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واختطاف 251 رهينة إلى غزة. وردت إسرائيل بحملة عسكرية قتلت أكثر من 70 ألف شخص ودمرت القطاع.
يصف سليمان العرجة (19 عاما )، وهو يحمل دلاء ثقيلة مملوءة بالركام ويدفع عربة يدوية، يومه المعتاد في البحث عن أسياخ الحديد قائلا “بنروح نلفلف على البيوت المهدمة بيتم الاتفاقية بينا وبين صاحب الدار ويقعد يخير فينا أنو ياما نطلع ننضف الدار بمقابل الحديد ياما بننضف الدار بمقابل مادي، بنقوله بدنا الحديد، وبنقود نكسر في الحديد. يعني زي ما انتو شايفين، بنقعد فيه أسبوع والله مرات أسبوع ونص”.
* معاناة يومية
وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتشكيل قوة دولية لتحقيق الاستقرار وخطة تنمية اقتصادية لإعادة إعمار غزة التي كانت تعاني الفقر حتى قبل الحرب. لكن الفلسطينيين في القطاع لا يستطيعون حتى التفكير في المستقبل رغم التوصل الى وقف إطلاق النار في أكتوبر تشرين الأول.
فكل يوم هو معركة للبقاء بالنسبة لهم، بعد أن تبخرت على مدى عقود آمال السلام وخططه، ولم يبقَ لهم سوى التركيز على النجاة.
يقول هيثم عربية (29 عاما) “نشتغل بهذه الشغلة عشان نطلع منها أكلنا وشربنا عشان نطلع حياتنا ومصروفنا عشان منحتاجش أي حدا.. عشان نطلع لقمتنا بالحلال وبالتعب وهاي إيدينا.. عشان منمدش إيدينا لحدا”.
ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بحرمان غزة من أسياخ الحديد التي تستخدم في البناء.
وقال مسؤول إسرائيلي لرويترز إن مواد البناء من السلع ذات الاستخدام المزدوج، فهي مواد للاستخدام المدني ولكن أيضا يمكن أن يكون لها استخدام عسكري، ولن يُسمح بدخولها إلى غزة حتى المرحلة الثانية من خطة السلام التي تقودها الولايات المتحدة. وأشار المسؤول إلى مخاوف من إمكانية استخدام هذه المواد في بناء الأنفاق التي تستخدمها حماس.
(إعداد سلمى نجم وشيرين عبد العزيز للنشرة العربية – تحرير سها جادو)